تحليل سياسي رئيسي مالك عقار والي النيل الازرق رئيس الحركة الشعبية بشمال السودان والذي اعتقد بعض المراقبين أنه يملك روحاً وطنية وينأي بنفسه عن حمل السلاح ، خاصة فى أعقاب تمرد رفيقه الحلو فى جنوب كردفان وظهوره بمظهر الرافض (للهجمة) على الرغم من انه هو من ابتدع الشعار (النجمة يا الهجمة) إبان الانتخابات العامة فى ابريل 2010، بدأ الآن يظهر (وجهه الحقيقي) فالرجل بأي حال من الأحوال لا هو بالسياسي الحصيف القادر على اللعب فى الملعب السياسي (لعباً نظيفاً) ، ولا هو يمتلك المقدرة- رغم كل ما ظل يهدد به فى السابق - على فعل شيء ذي بال! حدثان متزامنان أكدا- وعلى نحو قاطع - ان الرجل لا يخلو من سوء نية ، وقد يقول قائل ان السياسة فى الأصل (لعبة قذرة) وتحتمل كل شيء ، ولكن الفرق شاسع ما بين السياسة بهذا المعني والسياسة القائمة على (عنصر المخادعة المكشوفة) ، ففي الوقت الذى ظل فيه عقار يستهجن تمرد الحلو، و يطلب السماح له بالتدخل لإثناء رفيق دربه التائه فى جبال النوبة عن تمرده ، كان عقار ينسج خيوطاً أخري فى مكان آخر ، هى أكثر سوءً وسواداً من تمرد الحلو . فقد تبيّن ان عقار وبصحبته عرمان إلتقيا – سراً – فى العاصمة اليوغندية كمبالا بعدد من قادة التمرد فى دارفور فى مقدمتهم عبد الواحد محمد نور ومني اركو مناوي . ولو ان عقاراً كان سياسياً حصيفاً ، فقد كان هذا اللقاء – رغم مخالفته الصريحة لأمانة تكليفه كوالي لولاية النيل الازرق ومخالفته لسياسة الحكومة التى ينضوي تحت لواءها والتى تم اللقاء بدون علمها المسبق – كل ذلك كان بإمكان عقار ان يدفع حملة السلاح الدارفوريين باتجاه الحل السلمي ويبصرهم بطبيعة الأوضاع فى السودان والمتغيرات السياسية التى حدثت فيه. عقار لم يفعل شيئاً من ذلك ، فقد كانت فى أجندته (أمنية سياسية) شاء حظه العاثر ألا تتحقق ، حيث طلب (بإلحاح) من القادة الدارفوريين الاندماج فى قطاع الشمال الذى يترأسه! ولكن القادة الدارفوريين – سواء أدركوا مراميه أم لم يدركوها – رفضوا بإصرار وعناد ، بل ان القادة الدارفوريين اقتنصوا السانحة ليوجهوا أقذع الانتقادات لعقار وعرمان وحركتهم وردّوهم خائبين. بالطبع كان عقار يبحث عن شركاء سلاح جدد لتقوية عضلات حركته، وكان يبحث ايضاً عن (جواد) يعتلي صهوته هو و رديفه عرمان لمقاتلة الحكومة السودانية حتى النصر ! ولعل أكثر ما تكشفه هذه الحادثة ان عقار (من موقف ضعف) يتسوّل الدعم من الحركات الدارفورية وهى نفسها تشكو المسغبة اللوجستية وقلة الفئران فى معسكراتها الخاوية، ويتصور عقار ان بإمكانه - اعتماداً على هذه الحركات الدارفورية وبعض قواته – ان يجتاح السودان ويتوج رئيساً له ولم لأ ، وقد كانت ذات الفكرة قد راودت رفيقه الحلو ووضعها فى شكل خطة على ورق ، وانتهت به الخطة الى الجبال ! لسوء حظ عقار، إنكشف غطاؤه ، فلا هو عاد من كمبالا بالدعم المنشود ، ولا هو حافظ على شعرة معاوية مع الحكومة السودانية ومن المؤكد ان الرجل قد ارتبكت الآن كل حساباته تماماً !