قالت أنباء واردة من العاصمة القطرية الدوحة أن الاجتماع التشادي المحدود الذي تم هناك بحضور الوسيط المشترك (جبريل باسولي)، والدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني، المسئول عن ملف دارفور، والوسيط القطري، وضع إطاراً زمنياً للمفاوضات المقرر انطلاقها أواخر شهر يناير الحالي بحيث يكون أعلي سقف زمني للمفاوضات شهر ابريل المقبل. وبالطبع يمكن فهم الضرورات التي قضت بوضع هذا القيد الزمني في إطار الاستحقاق الانتخابي المقرر انطلاقه في السودان منتصف شهر ابريل، إذ يبدو أن الإطراف المسئولة عن المفاوضات تضع حساباً لضرورة إلا تتعرقل المفاوضات من جانب وفي ذات الوقت لا تتعرقل الانتخابات التي قطع التحضير لها حتى الآن شوطاً مقدراً بفتح باب الترشيحات للمناصب المختلفة. وربما كانت هذه هي المرة الأولي – خاصة فيما يخص مفاوضات الحل الشامل لإقليم دارفور – التي يتحدد فيها سقف زمني للمفاوضات حتى لا تتكرر الإخفاقات السابقة التي كانت أما أن ترفع فيها المفاوضات بعد عدد من الجلسات لأجل غير مسمى أو أن يتم ترحيلها من ميعاد إلى ميعاد ومن المؤكد أن هذا التحديد سوف يسهم دون شك في أطاء الإطراف فكرة واضحة عن أهمية المفاوضات، وضرورة الخروج منها باتفاق سلام نهائي، ذلك أن غالب قوى السودان الآن حتى القوى المعارضة تنتظر قيام الاستحقاق الانتخابي، ومن ثم فان الفرقاء الدارفوريين إذا تعسفوا في هذه المفاوضات ومارسوا تعنتهم القديم، فان اللوم سيقع عليهم وحدهم ومن ثم فان من الصعب إقناع حكومة الوحدة الوطنية في السودان بتأجيل الانتخابات أو تعليقها لحين التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور، خاصة وأنه قد ثبت حتى الآن – بشهادة قيادة اليوناميد والبعثة المشتركة – أن إقليم دارفور تراجعت فيه الصراعات إلى حد كبير وان من الممكن إجراء العملية الانتخابية في أجزاء كبيرة منه بذات الطريقة التي تمت بها عمليات الإحصاء السكاني وعمليات تسجيل الناخبين، فقد جرت هذه العمليات التي تعتبر بمثابة عمليات تمهيدية للانتخابات في أجزاء واسعة جداً من دارفور باستثناء مناطق قليلة للغاية يمكن احتسابها ضمن المناطق التي عادة ما تتخلف في أي استحقاق انتخابي في أي بلد عن إجراء الانتخابات لسبب أو لآخر. كما يكشف تحديد السقف الزمني في ظل اهتمام إدارة الرئيس أوباما ممثلة في شخص المبعوث الخاص (سكوت غرايشن) بضرورة إحلال السلام في دارفور، أن قدر مقدر من القوى الدولية الكبرى يتطلع إلى بناء هذا النزاع، وقد لاحظنا كيف أن إدارة أوباما حتى الآن تقاوم ضغوط جماعات الضغط التي تخصصت في الشأن الدارفوري ويقودها ناشطون صهاينة وبعض السود التي تريد تدخلاً عسكرياً لصالح الدارفوريين، وهي امر اتضح أن وراءه الدولة العبرية، ويتصادم هذا الهدف مع أهم أهداف سياسة إدارة أوباما الخارجية عامة، وسياسته تجاه السودان على وجه الخصوص المبنية على إحلال السلام وحل الأزمات بالوسائل السلمية. ويبقي بعد هذا أن تعيد الحركات الدارفورية المسلحة قراءة المعطيات الماثلة والظروف المحيطة قراءة جيدة، حتى لا تظل على مواقفها القديمة، وتتحول بالفعل – حتى في نظر المجتمع الدولي – مجرد عصابات قاطعة للطريق، ومجرمي حرب!!