دعا الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواه المتمردة في دارفور الي تنصيب رئيس جنوبي في السودان, بالتراضي والتوافق بين المكونات السياسية السودانية حلاً للأزمة السياسية السودانية علي حد تعبيره, وقال خليل ان من شأن منح الرئاسة في السودان لشخص من أبناء الجنوب يتم التوافق حوله, أن يزيل المراراة والغبن اللذين ترسخا في نفوس الجنوبيين!, وقلل المتمرد الدارفوري في سياق تصريحات نقلت عنه حديثاً من امكانية نجاح مفاوضات الدوحة المرتقبة وقال انه ليس متفائلا بنتائجها عازيا ذلك لما أسماه غياب المنهج والاستراتيجية متهما الوسيط الدولي جبريل باسولي بعدم الحياد, واصفاً راعي المفاوضات في الدوحة ممثلة في الحكومة القطرية بأنها مجاملة!. خليل أورد تصريحاته هذه في وقت اقتربت فيه مواعيد المفاوضات الدارفورية في الدوحة واقترب أيضا الاستحقاق الانتخابي المرتقب في السودان والمقرر له ا شهر ابريل من العام 2010 حسبما حددته الجداول الزمنية المعلنه للمفوضية العامة للانتخابات في السودان مؤخرا. ولعل أول ما يستلفت النظر في تصريحات خليل هذه هو حديثه عن حل المشكل السوداني عن طريق اعطاء منصب الرئاسة لمواطن جنوبي!, فالرجل هنا قام بما يمكن وصفه (بتسطيح) عناصر الازمة السودانية تسطيحاً مخلاً, واختزل كل الازمة في المنصب السياسي واعطاء جنوب السودان حق حكم السودان كله, وما من سياسي يتمتع بقدر من الحصافة والمعرفة يختزل كل الازمة- هكذا ببساطة – في عدم نيل الجنوبيين حقهم في تولي الرئاسة في السودان. ذلك أن المشاكل السياسية لا تحلها المناصب السياسية, كما أن تحديد من يتولي الرئاسة أو ادارة شأن البلاد أمر تحدده اختيارات المواطنين عبر صناديق الاقتراع, اذ أن لأي مواطن سوداني مطلق الحق والحرية في اختيار من يريد ليتولي السلطه, ولا يمكن أن يطلب من المواطنين السودانيين مهما كان ما عرف عنهم من كرم وجود, أن يذهبوا الي صناديق الاقتراع ليتكرموا علي هذا الشخص أو ذاك من هذا الاقليم أو ذاك ارضاءً له ووفاءً لمظالم قديمة! كما أن الدكتور خليل الذي وصف الوسطاء المعنيين بالأزمة الدارفورية بالمجاملة ناقض نفسه ومنطقه بنفسه حين طالب (بمجاملة) الاخوة الجنوبيين بمنحهم منصب الرئاسة كحل للمشكلة! فقضايا الحكم والديمقراطية لا مجال فيها للمجاملة وقد تقرر منذ أكثر من أربعة أعوام أن تجري انتخابات عامة تشمل كافة مستويات الحكم في السودان, وكان الجميع- بمن فيهم د. خليل- يعلمون بهذه الحقيقه, فلماذا لم يستعد الجميع لهذا الاستحقاق المفصلي الهام؟ ان مثل هذه الرؤي هي التي تثبت وتؤكد أن حملة السلاح في دارفور بلا قضية, وبلا جماهير, واذا اضطروا لخوض استحقاق انتخابي وعرض أنفسهم علي الناخبين فان حصادهم سيكون هشيماً دون شك ولذا فانهم يبحثون الان عن ملاذ امن يجنبهم هذا الامتحان الشاق الذي يكرم المرء فيه أو يُهان!!