تحليل سياسي أوردت بعض وكالات الأنباء – أواخر الأسبوع الماضي – ان خلافات وُصفت بأنها بالغة الشدة والتعقيد بدأت تنشب بين مسئولين كبار فى حكومة جنوب السودان بشأن بترول الجنوب . الخلافات أخذت عدة اتجاهات – بذات الحدة – ولا يعرف ما إذا كان ممكناً التوصل لتسوية بشأنها أم لا فى ظل التفاعلات السياسية المحتدمة أصلاً بين القادة الجنوبيين وهم يواجهون تحديات بناء دولتهم التى نشأت للتو . الخلاف الأول برز بقوة بشأن الشركات التى سيوكل إليها تسويق النفط ، ففي الوقت الذى أعلنت فيه شركة جنوب السودان (نايل بيت) المملوكة لدولة جنوب السودان أنها أبرمت عقداً مع شركة (جلينكور) وهى شركة عالمية متخصصة فى تسويق الخام ، فان المدير العام للطاقة والنفط فى حكومة الجنوب (أركانجيلو أوكوانج) قال لرويترز ان هذا غير صحيح، وأنهم سوف يسوقون نفطهم بأنفسهم (عن طريق التنافس) . هذا الخلاف هو وجه واحد من أوجه خلاف أخري عديدة ، حيث قال وزير النفط السابق د.لوال دينق ان هنالك مشكلة بين حكومة الجنوب وشركتها النفطية (نايل بيت) لأن (جلينكور) أكدت أنها بالفعل قد عقدت العقد مع (نايل بيت) رغم نفي نايل بيت لهذا الامر. و فيما لم يتم حسم هذا الخلاف والذي تشير مصادر (سودان سفاري) فى عاصمة الجنوبجوبا الي انه خلاف (له أبعاد داخلية وخارجية) القاسم المشترك بينها (مصالح خاصة لبعض المسئولين الجنوبيين المتعطشين للعمولات والإرباح الدولارية العالية ) فان خلافاً آخر يدور فى هذه اللحظات بشأن طريقة تصدير النفط نفسه ، إذ على الرغم من ان كافة الخبراء فى الجنوب قد أكدوا ألا مجال مطلقاً -لعامين أو ثلاث قادمات- من تغيير طريقة نقل النفط وضرورة ترك الوضع الحالي عبر الشمال على حاله فان آخرين داخل حكومة الجنوب - بدافع الغبن تجاه الشمال والغل - يرون ان يعمل الجنوب على نقل نفطه عبر جهات أخري . باقان أموم الوزير المستقيل قال فى هذا الصدد ان حكومة الجنوب تلقت عروضاً عديدة من دول الجوار لبناء خط أنابيب ، ولكن أموم نفسه قال ان خيارهم (المفضل) هو استمرار الضخ عبر أنابيب الشمال! مطالباً الشمال بعدم المغالاة فى رسوم النقل واستئجار الأنابيب عارضاً (3مليار دولار سنوياً) لهذا الإيجار . هذا الخلاف لم يتم حسمه لكن الراجح ان خيارات حكومة الجنوب – إذا نظرنا للأمر بصورة علمية واقعية – تبدو منعدمة تماماً ، فلا وزن لعروض دول الجوار فى ظل التكلفة العالية لإنشاء الخط والمدة التى سوف يستغرقها (ما بين عامين الى أربعة) فى ظل ظروف عادية آمنة ، ويبدو ان حكومة الجنوب تحاول الضغط على الشمال والأخير –على علم بحقيقة الامر– ويقول قادته ان لهم مطلق الحرية فى تحديد قيمة الإيجار وفقاً لما يرونه. و هكذا فان نفط الجنوب بات هو العنصر الأساسي الذى تتشكل على خلفيته خلافات القادة الجنوبيين خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار ان نفط الجنوب – بكامله – يقع ضمن مناطق قبيلة النوير ،القبيلة رقم 2 فى جنوب السودان والتي يمثلها الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحكومة وأنها تبحث لها عن وسيلة سيطرة تغل بها يد القبيلة رقم 1 وهى الدينكا وأمامها الآن آبار النفط وحقوله الدافقة!