من حينٍ لأخر تنتاب بعض المراقبين للشئون السودانيّة نوباتٍ من الحيرة حين يراقبون التحالفات السياسيّة المدهونة بالتحالف العسكرى فيجدونها لا تنتج ثماراً فى السياسة أكثر ممّا تنتجه رغوة الصابون والعلب أو الزجاجات المعبّأة بالمياه الغازيّة حين تنفتح، لا شيئ غير أصوات فرقعة وأشكال فقاعات هوائيّة! فى مسيرة الحكم الوطنى بالسودان لم يحدث أنْ تحالفت تنظيمات سياسيّة وتعاهدت عسكريّاً على مواجهة النظام الحاكم أنْ حققت درجةً من النجاح يُحسبُ لها فى بورصة الخرطوم السياسيّة... تُصارِع تلك التحالفات الحكومة فتقاتلها فتجد نفسها متورطة بمحاربة الدولة والشعب والقوّات المسلحة السودانيّة صاحبة الشرعيّة العسكريّة! تشكيلات جهويّة مسلحة دُبّرت ضد نميرى فى أوج تألقه المايوى فسقطت و سمع الناس بأجهزة الراديو صوت الإعتذار وهو ينطلق من العم فيليب عباس غبّوش! الجبهة الوطنية التى تكوّنت من أحزاب الأمة والاتحادى الديمقراطى والاسلاميين الجبهويين تحالفوا ووجدوا دعما سخيّاً من أنظمة اقليمية عربية وافريقية حتى بلغت قدراتهم العسكرية دخول الخرطوم والمبيت فيها واحتلال منشآتها ومع ذلك سقط ذلك الاحتلال ولم يجد فى الذاكرة الوطنية اسماً غير حركة المرتزقة... لم تسقط مايو بهذه التحالفات ذات الطعم الخارجى، فقد سقطت فى نهار الخرطوم! التجمع الوطنى الديمقراطى متحالفاً مع قوّات تحالف عبد العزيز خالد وتيسير فُتحت لهم الميادين الحدوديّة وعُقدت معهم الاجتماعات الدولية واتيحت لهم اللوجستيات لهطول الأمطار الغزيرة والعدوان الثلاثى فلم يصيبوا فى الجسم السودانى اصابة... ولم يدخلوا الخرطوم إلا بعد اتفاقات سياسية أدخلتهم الخرطوم عن طريق صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم! لذلك فالتحالفات التى تُعْلَنُ هذه الايام لو كانت تحت اتفاق كادوا بين الحلو وحركات دارفور المسلحة، أو بين حركات قطّاع الطرق السياسيّة المسلحين فى دارفور وبلطجيّة قطاع الشمال بالحركة الشعبيّة (غير السودانيّة)، فلن تنتج هذه التحالفات شيئاً فى جولتها العسكرية وجولتها السياسية... ستلقى نفس مصير (شيطان) التحالفات وبئس المصير! لا داعى لحيرة المراقبين فى لماذا تفشل التحالفات السياسية المدهونة بالدهان العسكرى... فهى تحالفات تنشأ فى بيئة سياسيّة ملوّثة... إنّها تحالفات خارج الرحم!! نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 14/8/2011م