دخلت المواجهة المتصاعدة بين السودان والأممالمتحدة أطوار متقدمة عقب أزدياد الاتهامات من جانب المنظمات الدولية للحكومة السودانية بوقوع انتهاكات في جنوب كردفان. فالأزمة من الأساس كانت تجري على صعيد التمديد للبعثة الأممية الإفريقية المشتركة المعروفة اختصاراً باليوناميد، اذ المعروف أن قوات اليوناميد مكلفة بحفظ السلام في إقليم دارفور وأن تمديد تفويض عملها يجري سنوياً بموافقة الحكومة السودانية على اعتبار أنها تعمل تحت الفصل السادس ووافق السودان على مجيئها ومن ثم فان وجودها على أرضه مرتبط بموافقة الحكومة السودانية على ذلك. الجديد هذه المرة والذي أثار الاستغراب والارتياب أن المنظمة الدولية سعت للتمديد دون الوضع في الاعتبار موافقة الحكومة السودانية. ليس ذلك فحسب، ولكن كان الأمر الأكثر إثارة للارتياب أن الأممالمتحدة تود تغيير نطاق التفويض بحيث يقفز من الفصل السادس إلى الفصل السابع. لقد بات من الواضح وفقاً لمتابعات سودان سفاري ان جهة ما ولا نشك لحظة أنها الولاياتالمتحدة، وأيضاً لا نشك لحظة أنها رايس المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، المسئولة الأمريكية الأكثر عداءً للسودان الأعلى صوتاً ضده هي التي تقف وراء القرار. اذا نظرنا إلى الأوضاع بصفة عامة في إقليم دارفور أو حتى جنوب كردفان فهي أوضاع في حاجة إلى معالجات إنسانية، بل لا نغالي أن قلنا أن دارفور تحديداً لم تعد في حاجة إلى قوات حفظ سلام أو حماية المدنيين فاليوناميد طوال السنوات الخمس الماضية لم تفعل شيئاً يذكر في هذا الصدد. لقد هدأ القتال وهدأت الأوضاع وعاد الآلاف إلى قراهم ومدنهم وتراجعت أعمال العنف وقل عدد المقيمين بالمعسكرات فما الحاجة إذن وقد انقضت الأيام العصيبة والظروف الأصعب للعودة لفصل سابع وقوات دولية؟ أما إذا كان الأمر يتصل بجنوب كردفان، فان هذا يرجع إلى خطط رايس بشأن فتح الطريق للحركة الشعبية لتتحرك في الولاية بعد ما فشل تمرد الحلو، وأصبح الرجل خارج دائرة الفعل السياسي والعسكري وازدادت وتيرة السخط العامة عليه وعلى حركته. رايس تود عبر القرار (2003) /2011 أن تتيح للحلو ومجموعته ((حماية دولية)) لكيما يحققوا ولو نذر يسير من أهدافهم ولكن مشكلة القرار 2003 انه يحتاج إلى آلية للتنفيذ على الأرض، ففي النهاية فان عدم رضاء الحكومة السودانية عنه ورفضها له يجعل منه قرار معلق وصعب التنفيذ اللهم إلا إذا دخلت قوات الأممالمتحدة في مواجهة عسكرية مفتوحة مع الحكومة السودانية وهذه فرضية مستبعدة تماماً مهما كانت المعطيات، من جانب ثان فان لا واشنطن ولا غيرها من القوى الدولية تستطيع الضغط على السودان – بأي وسيلة كانت – لإجباره على قبول القرار 2003، الأمر الذي يمكن القول معه أن الأممالمتحدة الواقعة تحت تأثير ونفوذ القوى الدولية الكبرى أدخلت نفسها في نفق مظلم وأصبحت أمام تحدي مصداقية وهو ما لن تنجح فيه لا حاضراً ولا مستقبلاً!! وهكذا يمكن أن نقول أن القرار، 2003 هو الآن في حيز بالغ الضيق ما بين مأزق الشرعية المفقودة وسندان استحالة التنفيذ!!