تحليل سياسي قال الحاكم العسكري لولاية النيل الازرق اللواء يحي محمد خير ان الجيش الحكومي يتقدم على كافة المحاور بالولاية وان هدفه الرئيس هو تدمير الجيش الشعبي وكسر شوكته نهائياً فى السودان. من جانبه طالب البرلمان السوداني -الاثنين- بنزع سلاح كافة المليشيات المسلحة بولاية النيل الازرق فى وقت تبلورت فيه الآراء باتجاه منح الجيش السوداني الحق فى إنهاء كافة الأشكال الأمنية السالبة بالولاية لتعود الأوضاع الى طبيعتها. وعلى ذات الصعيد فقد أكد الأمين الإعلامي المتحدث باسم المؤتمر الوطني، بروفيسر إبراهيم غندور ان حزبه يرفض رفضاً قاطعاً التحاور مع حملة السلاح فى الحركة الشعبية مطالباً المجتمع الدولي إن كان منصفاً ان ينظر الى من بدأ بالعدوان و ان يراجع الشكوى الموثقة التى قدمتها الحكومة السودانية ضد حكومة جنوب السودان وما تقدمه من دعم للحركة الشعبية. من هذه المعطيات يمكن ان نستخلص ما يمكن وصفها بإستراتيجية الحكومة حيال التمرد الذى جري فى ولاية النيل الازرق بقيادة عقار، وما جري كذلك فى جنوب كردفان، إذ يبدو ان المتمرد عقار و المتمرد الحلو – سواء لخطأ معروف عنهما فى الحسابات – أو لأسباب تتصل بأجندة آخرين إقليمياً أو دولياً دفعا بحركتهما الشعبية نحو هلاك يبدو محققاً، والواقع ان تمرد هذين المتمردين لا يمكن لأي مراقب منصف وموضوعي ان يقرأه خارج سياق إستراتيجية إعادة إنتاج أزمة جنوب السودان ، فقد بدا واضحاً ان كل من عقار والحلو يواصلان بصورة أو بأخري ذات المشهد القديم حين كان جنوب السودان - قبل ان يصبح دولة - يقاتل المركز فى أطول حرب أهلية عرفتها إفريقيا ، ذلك على الرغم من ان اتفاقية السلام الشاملة التى وقعت فى يناير 2005 وضعت حلاًّ استراتيجياً للأزمة وطال الحل المناطق الثلاث (جنوب كردفان والنيل الازرق وأبيي) رغم كونها تقع جغرافياً وسياسياً فى الشمال السوداني ولا صلة لها لا من قريب ولا من بعيد بطبيعة الازمة فى جنوب السودان. ولا نغالي ان قلنا ان دخول هذه المناطق ضمن الحل الشامل كان بمثابة (كرم سياسي حاتمي) من جانب الحكومة السودانية - إذا جاز التعبير - لأن طبيعة قضايا هذه المناطق لا تختلف جوهرياً عن طبيعة مناطق كافة مناطق وأقاليم السودان، ومن ثم ليس هناك على الإطلاق ما يجيز منحها هذا التمييز الايجابي ليطوَّر ويصبح حرباً شعواء ضد الدولة السودانية. فقد رأينا فى الولايتين كيف تسبب كل من الحلو عقار فى ترويع أهلهما بغير مبرر بعد ما بدأوا للتو فى تذوق ثمار السلام و الاستقرار . و على ذلك فان فكرة اطلاق يد الجيش السوداني لكسر شوكة ما يسمي بالجيش الشعبي تبدو متسقة تماماً مع مقتضيات الواجب الامني الاساسي للحكومة السودانية بعدم السماح بوجود قوات لدولة اجنبية او مليشيات مسلحة خارج نطاق القوات النظامية داخل الدولة. ومن المؤكد ان هذا الاجراء يبدو ضرورياً سواء من جهة ترسيخ هذه القاعدة بحيث يتخلص هذا البلد المنهك بالحروب من فرضية العمل السياسي عبر السلاح وفوهات البنادق، أو من أجل ايصال الرسائل الى من يقفون وراء هذه التكوينات المسلحة – لأهداف تخصهم – بأن الامر لن ينجح مطلقاً .