تمكنت الحكومة السودانية فى فترة وجيزة – حوالي الأسبوع – ان تسيطر على الأوضاع كافة فى ولاية النيل الازرق بحيث عادت الحياة الى طبيعتها بالسرعة الفائقة المطلوبة واستطاع أهل الولاية ان يعودوا لحياتهم السابقة بقدر أفضل من الأمن والطمأنينة . فقد عاودت الدواوين الحكومية عملها المعتاد منذ مطلع هذا الأسبوع بصورة راتبة طبيعية، كما عاودت المدارس فتح أبوابها وعاد التلاميذ والطلاب الى دراستهم؛ وكونت الحكومة لجان متخصصة لمتابعة كافة الشئون الخدمية وشئون المواطنين الاستراتيجية اليومية بحيث لا تشغل هذه الأمور – بتفاصيلها المضنية – الحاكم العسكري للولاية و حكومته عن الدور الأكبر المتمثل فى ترسيخ تأمين الولاية تأميناً كاملاً وملاحقة المتمردين للقضاء عليهم وكسر شوكتهم تماماً، وهو هدف قام بتعضيده البرلمان السوداني - الاثنين الماضي - فى جلسته الطارئة التى أجاز فيها أمر الطوارئ الذى أصدره الرئيس السوداني عقب الأحداث. ولاية النيل الازرق بهذه المثابة باتت أقوي وأكثر قدرة على مواجهة اى أحداث من أى نوع، خاصة وان الولاية دفعتها الأحداث الى ان تصبح جبهة واحدة موحدة، وهو أمر ليس مجرد وصف مجازي وإنما هو وصف حقيقي لواقع الولاية؛ حيث تسبب تمرد عقار فى تمتين الجبهة الداخلية فى الولاية والتي تعبأت تلقائياً ضد الحرب والتمرد ونسف الاستقرار بحيث يمكن القول على ضوء هذا الواقع ان عقار سواء أوقف التمرد الآن ورضي بتسريح قواته وعاد مسالماً، أو واجه الجيش السوداني وقرّر مصيره، ففى الحالتين فقدَ عقار الولاية لأن الرجل – للأسف الشديد – عبث بأغني ولاية سودانية تنتشر فيها أضخم المشروعات الزراعية الخصبة ويكره أهلها ويمقتون مقتاُ تاماً أى مهددات لأمنهم واستقرارهم، خاصة وان التمرد- لسوء تقديرات عقار ورعونته - وقع فى واحد من أهم فصول السنة وهو فصل الخريف الذى تدور فيه ماكينات التراكتورات والمحاريث و الحاصدات الزراعية وكثير من أهل الولاية، بل جميعهم ينتظرون فصل الخريف بفارغ الصبر لأنه أحد أهم مصادر حياتهم. كما ان الحكومة السودانية – فى هذه اللحظات بالذات – وجهت جهودها بقوة نحو إغلاق كافة الثغرات السابقة التى تلاعب عبرها عقار بحيث لن يعود أى وجود لقوات او مليشيات خارج نطاق القوات النظامية الرسمية، و من الجانب الآخر فان الحكومة السودانية تبدو حريصة على إنفاذ حق المشورة الشعبية لأهل الولاية بحيث يمارسونه فى وقته دون وجود ضغوط كان المتمرد عقار قد مارسها عليهم، بل وفرضها فرضاً دون وجود أدني مراعاة لآراء أهل الولاية .وهكذا يمكن القول بحق وحقيقة ان ولاية النيل الازرق تجسدت فيها تجسيداً كاملاً المقولة المعروفة: رب ضارة نافعة !