ربما اعتقد قادة الحركة الشعبية فى ولاية النيل الأزرق بعدما فرغوا من القيام باستعراض عسكري ،ان العرض العسكري والتلويح بالحرب وإرسال التهديدات من شأنها إخافة السلطة المركزية في الخرطوم ومن ثم الحصول على مكاسب من بين فرث ودم ! هذا الاعتقاد والأسوأ من خطئه انه يستفز السلطة المركزية والجيش السوداني على نحو سافر وهذا الاستفزاز – وعلى العكس مما يعتقد بعض المراقبين – قد يؤدي الى صدام على غرار ما جري فى أبيى و فى جنوب كردفان ، والفارق هنا ان الحكومة السودانية فيما يخص ولاية النيل الأزرق تحديداً ليست مرتبطة بعقد سياسي مع الحركة الشعبية ولا حجر لتحركاتها ضد كافة مظاهر الممارسة العسكرية خارج إطار الجيش الحكومي ، ولا يوجد سياق تعاقدي يحول من قيام القوات المسلحة السودانية بواجباتها فى وضع الأمور على نصابها. و لعل التناقض الجلي البائن الآن فى النيل الازرق - وهذه دائماً هى أزمة قطاع الشمال - ان والي الولاية و رئيس الحركة فى الشمال مالك عقار كان من أشد المستهجنين لتمرد مجموعة الحلو فى جنوب كردفان و تعهد عقار – أكثر من مرة – و أمام الملأ بألاّ تنطلق – ولو طلقة واحدة – بحسب تعبيره فى النيل الازرق ، فى حين ان قائد الجيش الشعبي بالولاية والذي هو مرؤوس لعقار توعد الجيش السوداني- بعبارات صريحة و واضحة - بما اسماه (رداً قاسياً) حال محاولة نزع سلاحه أو مهاجمته . بل ان هذا القائد الذى يدعي (احمد العمدة بادي ) عقد مقارنة – أثارت سخرية المراقبين – ما بين قدرات الجيش الحكومي السوداني والجيش الشعبي وخلص الى ان الجيش الشعبي بإمكانه التغلب على خصمه الحكومي ! خلاصة هذا المشهد ان الحركة الشعبية تريد تحويل مسرح التمرد لمسرح جديد فى النيل الازرق بتقسيم الأدوار بين القادة، وهى دون شك تقديرات خاطئة، فلو أراد الجيش السوداني نزع ما يسمي بالجيش الشعبي فى النيل الازرق لفعل فى سويعات ، ذلك ان جانب القوة و قوة القانون فى صف الجيش الحكومي ،لأن الوضع على هذا النحو وضعاً نشازاً خاصة وان والي الولاية عقار يترأس لجنة أمن الولاية ولا يجوز له بهذه المثابة ان (يحارب نفسه) وان يرسل التهديدات تباعاً ضد ولايته و سلطته السيادية. هذه الصورة غير مقبولة و من الأفضل على أية حالة ان تباعد الحركة هناك بينها و بين مواقد البارود وتتجنب الدخول فى عراك مع الجيش الحكومي فالنموذج الى جربه الحلو فى جنوب كردفان ماثل للعيان وعبرة سياسية لمن يعتبر !