لم يقتصر اختلال المعايير وازدواجها فى تعامل الأممالمتحدة مع السودان فقط على التحامل الواضح الذي يحلو للمنظمة الدولية وخاصة مجلس أمنها ان يمارسه ضد السودان، هنالك ايضاً ممارسات ومواقف بالغة الغرابة تمارسها الأممالمتحدة حيال اخطر الأمور المتصلة بأمن واستقرار السودان. و لكي لا يكون القول على عواهنه علينا ان نتمعن قليلاً على سبيل المثال فى الشأن المختص بتصفية بعثة الأممالمتحدة المكلفة بمراقبة عملية السلام بين الشمال والجنوب المعروفة باليوناميس. ففي الحادي عشر من يوليو الماضي 2011 أصدر مجلس الأمن قراره الذى حمل الرقم 1997/2011 والذي أشار فيه الى الطلب الذى تقدم به السودان عبر وزير خارجيته فى 27 مايو 2011 م طالباً عدم رغبة السودان فى بقاء البعثة الأممية عقب انقضاء فترة تفويضها فى التاسع من يوليو 2011 ، القرار ألأممي – بناء على الطلب السوداني – قرر سحب البعثة اعتباراً من تاريخ 11يوليو 2011 وفق القيد الزمني الذى حدده ب 31أغسطس 2011 وكعادة قرارات مجلس الأمن المتعارف عليها روتينياً فى هذا الصدد فقد طلب من حكومة السودان (الاحترام التام لجميع أحكام اتفاق مركز القوات) وهى تتعلق بضمان وصول البعثة الى مبانيها وضمان حرية حركة البعثة والمتعاقدين معها ومركباتها وطائراتها وشحن معداتها وتأمين الإعفاءات الضريبية والرسوم والمصروفات، وذلك الى حين خروج أفراد البعثة نهائياً من السودان. لم يكن هنالك اى غبار بشأن القرار وملحقاته ، فهو روتيني معتاد كما أشرنا وفيه استجابة واضحة لطلب السودان. غير ان الازمة كانت باتجاه آخر ، فعلي الرغم من مضي إجراءات التصفية على نحو سلس عبر الاجتماعات فى وزارة الخارجية السودانية بين الطرفين إلا ان اليوناميس – وفى أغرب مسلك مخالف لنطاق تفويضها – دفعت بحوالي 100مراقب عسكري الى اقيم دارفور! وهو أمر بالغ الغرابة لأن دارفور – ببساطة شديدة – تخرج تماماً عن نطاق تفويض اليوناميس وتختص بها كما يعرف رُعاة الإبل فى الفلاة قوات اليوناميد . والأكثر غرابة ان هذا الإجراء جري دون إبلاغ الحكومة السودانية وأخذ موافقتها. أما اغرب ما فعلته الأممالمتحدة فى جنوب كردفان ومنطقة أبيي على وجه الخصوص فهو تركها لمعداتها العسكرية خاصة فى مناطق (جلد) و(كاودا) و (تلودي) رغم ان أقصي مهلة ممنوحة للبعثة بنص قرار مجلس الأمن هو 31 أغسطس 2011م ! و أن مؤشرات عديدة تثبت ان الأممالمتحدة تتلكأ فى خروج بعثة اليوناميس من مناطق انتشارها وتسهم فى زعزعة أمن واستقرار السودان، وتبدو البعثة متساهلة وغاضّة لبصرها عمداً لتتيح لحملة السلاح خاصة فى جنوب كردفان للاستفادة من معداتها العسكرية أملاً فى حدوث حالة عدم استقرار ومواجهات مسلحة تبرر لها البقاء هناك . لقد بدا جلياً من خلال متابعات لصيقة ل(سودان سفاري) ومشاهدات ميدانية علي الارض فى أرجاء متفرقة من جنوب كردفان والنيل الازرق ان الأممالمتحدة عبر بعثتها المنتشرة فى السودان لم تنسحب بعد ؛ إنما تعمل على عرقلة الانسحاب و تكيل بمكيالين ، فهي تغض الطرف عن ممارسات المتمردين عمداً و تتحامل على الحكومة السودانية دون ان يطرف لها جفن !