في أول بادرة على سير خطي التفاوض بين جمهورية السودان ودولة الجنوب الوليدة نحو اتجاهات الحلول السياسية، وبعد مسلسل طويل من التشاكس والخلاف أمتد بين اللجان المشتركة من المؤتمر الوطني الحاكم بالشمال وبين الحركة الشعبية الحاكمة بالجنوب، توصلت اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بالبلدين أخيراً إلى اتفاق أمني حول الرقابة على الحدود الطويلة والمشتركة بين البلدين، على أن يتم أنشاء عشر نقاط على الحدود بين الدولتين التي يبلغ طولها 2200كلم، وقيام فرق من الرقابة مكونة من الجيش السوداني والجيش الشعبي والجانب الأثيوبي، مهتما التحقيق في الخروقات على الحدود. حيث حدد الاتفاق الموقع يوم الأحد ستة أفراد من الجيش السوداني وستة من جيش دولة جنوب السودان وستة من الجانب الأثيوبي، وقيام الجمارك بمهامها حول الإجراءات الهجرة، عل أن تشرع اللجنة المعنية بشأن الحدود المشتركة في مهامها فور فراغ اللجنة الخاصة بتحديد نقاط الحدود المحسومة والتي تمثل نسبة ال 80% بجانب ال 20% التي يجري النقاش حولها. معرض للفشل ورغم أن الاتحاد الأفريقي رحب بالخطوة باعتبار أنها أول اجتماع للآلية السياسية والأمنية المشتركة والتي شملت ممثلين من حكومتي السودان وجنوب السودان عقدت بالخرطوم، بحضور كل من الجنرال عبد السلام أبو بكر عضو لجنة الوساطة، وقائد القوة الأمنية المؤقتة للأمم المتحدة في ابيي الليفتنانت جنرال تاديس تسفاي ، الا أن مراقبين اعتبروا أن الخطوة تحتاج لإرادة سياسية صادقة لتري النور معتبرين أنها – ووفقاً لتاريخ العلاقة بين الطرفين – قد تكون معرضة للفشل!! حيث وصف محللون سياسيون الخطوة بالجادة والتي تتطلب جدية أكبر من قبل الأطراف الموقعة عليه بحيث لا يعود – ما وصفوه – بمسلسل النكوص المتكرر عن الاتفاقات بين الطرفين مرة أخرى للبروز. اتفاقيات سابقة:- رئيس جنوب أفريقيا السابق ورئيس لجنة الوساطة التابعة للاتحاد الأفريقي، ثابو مبيكي، والذي ترأس الاجتماع بناء على طلب من رئيس الآلية المشتركة أكد على أهمية الآلية المشتركة من أجل إرساء سلام بناء وعلاقات مشتركة بين البلدين. من جانبه الاتحاد الإفريقي أكد في بيانه الذي أصدره مرحباً فيه بالخطوة أن الاجتماع تبني نصوصاً ووثائق لخمس اتفاقيات سابقة كأدوات مرجعية لعل الآلية السياسية والأمنية المشتركة. وأوضح الاتحاد الأفريقي أن اجتماع الأحد تبني خطوات لتفعيل عمل الآلية المشتركة بالاتفاق على تشكيلة اللجان العديدة التي شكلت بموجب الاتفاقات السابقة، إضافة لاتفاق الطرفين على أن يعقد الاجتماع المقبل للآلية السياسية والأمنية المشتركة في 18 أكتوبر المقبل في جوبابجنوب السودان. خطوة ايجابية:- المحلل العسكري اللواء . م. محمد العباس الأمين وصف في حديثه ((للحرة)) الخطوة بالايجابية والجيدة مضيفاً أنها تأكيد الإستراتيجية العلاقات بين البلدين، واعتبر أن العلاقات بين دولة الجنوب الوليدة والسودان الشمالي هي علاقات متمددة لن يحد منها الانفصال. وأرجع العباس نجاح الطرفين للتوصل لاتفاق لطبيعة النظرة الإستراتيجية التي يتمتع بها العسكر بخلاف ما عرف عن السياسيين من نظرهم – حسب وصفه – للمكاسب الآنية وليست بعيدة المدى. واعتبر العباس أن الاتفاق قد يدفع نحو فتح علاقات مشتركة تقوم على مبدأ المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة وحسن الجوار. وفي الوقت الذي نجح العسكر فيما فشل فيه الساسة تبرز للسطح أزمة القضايا العالقة بين الطرفين والتي تشكل قضية الحدود التي اتفق حولها الطرفان ((مبدئياً نقطة للبداية والبحث عن الحلول. نقلاً عن صحيفة الحرة 20/9/2011م