لم تكن الضحكات الودودة بين رئيس الجمهورية ووزير شؤون الرئاسة من جهة، والرئيس سلفاكير ميارديت ووزير مجلس الوزراء دينق ألور من جهة أخرى، من باب الادعاء أو التظاهر بأن الأمور على ما يرام .. فالارتياح بدا واضحاً على وجهي الرئيسين ووجوه وفديهما والابتسامة لم تفارق شفاه الجميع ... في هذه الزيارة المهمة تحققت انجازات لم يتمكن الطرفان من تحقيقها خلال شهور مضت فكل طرق تنازل هذه المرة عن أشياء، وأبديا رغبة حقيقية في حل المسائل العالقة .. وهذه القضايا العالقة كانت محور الزيارة الرئيسية، حيث لم تكن هناك أجندة أخرى تحاك من وراء الكواليس، الا أن تلك الجلسة الثنائية المنفردة التي جمعت الرئيس البشير ونظيره سلفاكير ميارديت وجها لوجه بالصالة الرئاسية في المطار، وامتدت قرابة العشرين دقيقة أعطت ربما الوجه الآخر والأخير لهذه الزيارة .. (الأخبار) استرقت النظر في لحظات كثيرة متقطعة فرأت أن البشير هو من كان متحدثاً فيما كان سلفاكير مستمعاً. وزير المالية علي محمود قال في تصريحات محدودة أمس الأول، أن اللجان توصلت لاتفاقات إلا ((أنهم لا يريدون الإعلان عنها لوحدهم)) وسيتم تنسيق مشترك ليوقع الطرفان على مذكرات تفاهم في احتفال لهذا الانجاز.. وما قاله علي محمود لا ينطبق فقط على اللجنة الاقتصادية التي يرأسها هو من الجانب الحكومي، والتي تعتبر من أعقد اللجان من حيث الموضوعات، إنما على كافة اللجان (الأمنية، الحدود، التعليم، العلاقات الخارجية ولجنة الشئون الإنسانية)، فجميعهم أحرزوا تقدماً في الملفات الموكلة اليهم، وهو ما أشار اليه الرئيس في المؤتمر الصحفي المشترك أمس، فقال ان الوفدين غطيا كافة القضايا العالقة وأجريا لقاءات مثمرة على مستوي الوزراء من خلال اللجان، مشيراً الى ان الروح التي كانت سائدة في المباحثات هي روح الوفاق والإصرار على حل وتجاوز أي قضية تعيق انطلاقة تعاون البلدين في شتي المجالات، وأكد أنه تم الاتفاق على تكوين لجان حددت لها أسقف زمنية محددة للوصول إلى حلول نهائية، متوقعاً أن يتم التوقيع النهائي والاحتفال بحل جميع هذه القضايا خلال فترة وجيزة سواء كانت أمنية وعسكرية، سياسية، اقتصادية واجتماعية .. الرئيس الذي بدا سعيداً هذه المرة، جدد ترحيبه بزيارة سلفا الأولي من نوعها، وشكره على حرصه واستعداده الكامل للتعاون والانطلاق بعلاقات البلدين إلى مستويات عليا، لأنه من المعروف أن ما يجمع البلدين أكبر بكثير جداً مما يجمع بين أي دولة وأخرى، وعاد الرئيس قليلاً بذكرياته إلى الوراء حينما قال: كنا دولة واحدة والفترة التي عشنا فيها مع بعضنا خلقت تداخلا اقتصاديا واجتماعيا، كما أن حدودنا المشتركة هي أطول حدود للسودان مع أي دولة أخرى، واختتم حديثه بالقول هذه الزيارة بداية ممتازة في علاقتنا. أما الفريق سلفاكير مايرديت الذي تحدث باللغة الانجليزية عبر بداءا عن امتنانه وشكره للبشير والحكومة علي حسن الضيافة والاستقبال، مؤكداً التزامه ببناء علاقة قوية ودية مع السودان، وعلي حل كافة القضايا المتبقية بين الدولتين وأوضح ((لهذا جئنا وجلسنا مع أخوانا في حكومة السودان لمناقشة هذه القضايا بروح أخوية الا ان سلفاكير المح لنقطة مهمة حينما قال: هناك بعض العناصر في كلا الجانبين يريدان أن نرجع الى الحرب مرة أخرى ، الا أنني والبشير نؤكد لهم لا عودة للحرب منوها الى أنهم غادروا هذه المحطة منذ عام 2005م ولن يعودا اليها لان هذا عصر السلام والاستقرار والتنمية وقال سلفا سأعود الى جوبا لدراسة ما تبقي من قضايا الرخاء للبلدين، وإذا اتفقنا على القضايا فاننا سنهزم اعداء السلام. بعد العبارة الأخيرة غادر الجميع إلى مواقعهم، الا الرئيسان ظلا قرب بعضهما .. وكان وزير التجارة بدولة الجنوب قرنق دينق قال ل(الأخبار) قبل زيارة سلفاكير إلى الخرطوم أنه سيتوسط ويلعب دوراً في حل مشكلة الترتيبات الأمنية بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإنها التوتر بين قطاع الشمال والحكومة لتأثير الحركة الشعبية (في الجنوب) علي القطاع، وقدرتهم على المساهمة في استتاب الأمن والاستقرار، وكذلك أشار وزير الاعلام بنجامين برنابا الى هذه النقطة (النيل الأزرق وجنوب كردفان).. ولم يتحدث الوزيران عن هذا البند من فراغ، ولأنه لم يخصص له وقتاً خلال المباحثات الرسمية، بدا كأنه الموضوع الذي شغل وقت الرئيسين قبل الوداع .. ولأن البشير هو من كان يتحدث أكثر، بدا أنه أعاد ذات الموقف عليه ((دمج وتسريح قوات الحركة بالشمال والتسجيل كحزب سياسي.. انتهت الزيارة التي وصفها الجانبان بالمهمة، ويتوقع أن تشهد الأيام القادمة توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم، كما قال علي محمود، وسط احتفال بحل قضايا لم يتمكنا من حلها خلال أشهر وسنوات، وأصدرت الخارجية بيانا باركت فيه الزيارة، وأشارت إلى الانجازات التي تحققت خلالها. نقلاً عن صحيفة الأخبار 10/10/2011م