ربما لم يكن بالنسبة للتاريخ السياسي المعروف عن فاروق أبو عيسي ان يجري اتصالات ومحادثات مع أطراف أجنبية يأخذ منها الدعم المالي ويطلب منها التدخل لضرب بلاده وإسقاط السلطة القائمة .أبو عيسي فعل ذلك عشرات المرات حين تولي منصب أمين عام اتحاد المحامين العرب لسنوات واستغل موقعه ذاك ليحرض كل من يلتقيه من الأجانب ضد بلاده مشينا لسمعتها معاونا علي إلحاق الاذي بها ويحفظ ذلك التاريخ القريب مناشدة تلفزيونية حارة –كانت علي الهواء مباشرة –قدمها ابو عيسي للرئيس المصري السابق حسني مبارك في العام 1995عقب محاولة اغتياله في أديس أبابا حين قال لمبارك اضرب السودان الآن !واقشعرت وقتها جلود المصريين أنفسهم الذين ما لقوا شخصا يحرض ضد بلاده بكل تلك الجرأة .خالعا رداءه الوطني .لكل ذلك وكما قلنا لم يكن أمرا غريبا ان (يضبط)ابوعيسي (ملتبسا )وهو يستجدي سفارة أجنبية المال والدعم لإسقاط النظام .غير ان الأمر الغريب ان أبو عيسي ما تعلم شيئا من التاريخ لا في الماضي ولا في الحاضر اذ من الممكن ان يخطئ السياسي مرة أو مرتين خاصة اذا كان بعيدا عن بلاده ولا يعلم حقيقة ما يدور فيها .وكذلك من الممكن ان يخطئ السياسي وهو في فورة حماس أو طيش شباب ،أو نزق سياسي أو حتى غبن خاص ضد السلطة الحاكمة ليصل الي مرحلة هدم المعبد بكاملة علي الجميع ،هذا كله ممكن وجائز ،ولكن ما هو عصي علي التصور هو ان يعيد رجل في مثل سنه أخطاء قديمة بهذه البساطة دون اخذ العظة والاعتبار من التاريخ ،فقد أثبتت عبر التاريخ وعظاته ان الذي يستعين بالأجانب –أيا كانوا –للاستقواء علي بلاده خاسرون ادني شك فلا بني جلدية يحترمونه لفقدانه للوازع الوطني ولا الأجانب الذين دعموه يحترمونه طالما انه (باع واشتري )مالا يباع ويشتري .والأكثر سؤا من كل ذلك ان أبو عيسي رجل قانون ويرقد علي خبرة مطوله هي خبرة عمره الثمانين في العمل القانوني وهو من ثم يعرف جريمة التخابر مع الأجانب ،ففي كل القوانين في أي دولة في العالم تعتبر جريمة من الدرجة الأولي عقوبتها عادة الإعدام لان من المؤكد ان فيها احد أمرين أو كليهما ،أما إفشاء أسرار خاصة بالدولة لصالح جهة أجنبية ،أو القبول بالقيام بعمل يتنافي مع امن واستقرار الدولة نظير الدعم المالي الذي يقدم له ،أو الاثنين معا ،الإفشاء والقبول بالقيام بمهمة ضد بلاده .ولعل الشئ الغريب حقا ومريب ان أبو عيسي لم ينكر حتى الآن أو حتى يبرر تبريرا موضوعيا ما قام به .ولكن علي أية حال وبصرف النظر عن ما سوف تتخذه السلطة المختصة ضده او تعفو عنه فان قوي المعارضة السودانية ما ينبغي لها ان تفسح له مكانا فيما بينها ،فالعمل السياسي المعارض ليس عيبا او محظورا ولكن العيب والمحظور –حتى ولو بدون قانون –هو الاستقواء بالأجانب والقبول بهذا الوضع الأخلاقي المتدني في العمل السياسي اذ ان أمثال أبو عيسي الذين حصل علي أكثر من تعويض مادي من الحكومة السودانية هم من (العاملين سياسيا ومهنيا )الأمر الذي يجعلهم يتعطشون للأموال من أي جهة للقيام بأي شيء!!