الغموض يكتنف مصير أكثر من ستين مواطنا كانوا في طريقهم إلى ليبيا اعترضتهم حركة العدل والمساواة في منطقة وادي هور بشمال دارفور في العاشر من أكتوبر الجاري.. تضاربت المعلومات حول تفاصيل الحادثة التي تم التكتم عليها من قبل حكومة شمال دارفور، ابرز الروايات تشير إلى أن المجموعة المكونة من 65 شابا انضمت طوعا إلى حركة العدل والمساواة، بينما تقول رواية أخرى إن الحركة اقتادت المجموعة عنوة إلى معسكراتها لتجنيدهم كمقاتلين في صفوفها.. ما قيل حول هذا الأمر أن حوالي ال65 شخصا كانوا يستغلون عربتي مرسيدس تحركوا من منطقة مليط بشمال دارفور متجهين إلى الجماهيرية الليبية وعند وصولهم إلى منطقه وادي هور اعترضتهم مجموعة تستغل 20 عربه لاندكروزر من قوات حركة العدل والمساواة بقيادة القائد "البرير".. وقالت بعض مصادر ل(الأخبار) إن الحركة طلبت من المسافرين الانضمام إليها مقابل مبالغ مالية تدفعها لكل فرد تقدر ب(300) دولار شهريا، وتقول المصادر إن الحركة قامت باحتجاز 43 شابا وأخلت سبيل كبار السن والمرضى، لكن أحد المسافرين والذي أطلق سراحه لإصابته بمرض السكري وصل إلى الجماهيرية وسرد وقائع الحادثة. وقال إن قائد قوات حركة خليل التي اعترضتهم في منطقة وادي هور من أبناء كردفان خيّرهم بين الانضمام إلى الحركة مقابل مبالغ مادية آنية وشهرية، أو إخلاء سبيلهم للذهاب للجماهيرية . وأضاف أنه فضل المغادرة إلى الجماهيرية مع رجل آخر مسن، من جملة ال65 مواطناً ..وأكد أن الذين مضوا مع الحركة ذهبوا بطوعهم ولم يتم إجبارهم. لم يصدر من السلطات بشمال دارفور تعليقاً على ذلك.. اتصلت (الأخبار) بوزير الإعلام الناطق باسم حكومة شمال دارفور حافظ عمر ألفا وسألته حول الحادثة، لكنه اعتذر لوجوده خارج البلاد لأداء فريضة الحج، وطلب الاتصال بالوزير المناوب التجانى سنين والذي بدوره قال إنه موجود خارج الفاشر في مناطق أم كدادة واللعيت لحضور المؤتمرات التنشيطية لحزب المؤتمر الوطني ولم يتابع موضوع الحادثة، لكنه ألمح إلى أن الإغراءات قد تكون وراء انضمام مجموعة الشباب المسافرين إلى ليبيا لحركة العدل والمساواة.. تثار تساؤلات في الشارع العام بالولاية، على شاكلة لماذا تم تناقل هذه الحادثة في هذا الوقت؟ ولماذا لم تهتم بها حكومة الولاية وهل ستعقبها أخريات في ظل الانشقاقات والخلافات التي ضربت حركة العدل والمساواة وأدت إلى خروج أعداد كبيرة من مقاتليها الميدانيين؟ وهل هناك عمليات تجنيد واستقطاب سريه تقوم بها الحركة داخل مدن دارفور خاصة بعد تواتر المعلومات عن حصول الحركة لمبالغ مالية ضخمة وكميات من الذهب من الجماهيرية عقب انتهاء حكم القذافى في ليبيا؟ حركة العدل والمساواة وعلى لسان أحد مسؤوليها نفت صلتها باختطاف العربات المذكورة، وأكدت أن سياستها تقوم على التجنيد الطوعي وليس الاجبارى. فيما استبعد الدكتور حسن محمود إبراهيم القيادي بحزب المؤتمر الوطني بجنوب دارفور في حديثه ل(الأخبار) أن تكون هناك رغبة لدى الشباب في دارفور للانخراط في صفوف الحركات المسلحة، وأشار إلى أن مقاتلي العدل والمساواة بدأوا يهربون من مناطق الحركة إلى القرى والمدن في دارفور، مشيرا إلى أن الحركة الآن تعيش أسوأ حالاتها بعد نهاية حكم القذافي الداعم الأساسي لها، إلى جانب أنها تعاني من قلة الجنود عقب انشقاق وانفصال عدد من القيادات عنها بعد الخلافات التي ضربت صفوفها مؤخرا. وأكد محمود أن الحركة لديها آليات وليس جنود، لافتا إلى عملية الاعتراض التي قامت بها الأسابيع الماضية في منطقة وادي هور لبعض العربات التي تحمل مواطنين ذاهبين إلى الجماهيرية، وأخذت بعض الشباب عنوة؛ مما يمثل ذلك دليلا على أن الحركة تبحث عن الرجال والقوى البشرية. وقلل من إمكانية أن تقوم الحركة بعمل ميداني كغزو أمدرمان أو أي مدينة أخرى، مؤكدا أن الحركة لاتستطيع أن تتحرك الآن خارج منطقة وادي هور. ويرى مراقبون أن الانشقاقات والخلافات التي ضربت صفوف حركة العدل والمساواة مؤخرا أحدثت شللا في جسم الحركة خاصة بخروج إعداد كبيرة من أبناء قبائل الميدوب والمسيرية، وخلفت فراغا كبيرا تحاول الحركة سده في الميدان عبر اللجوء لعمليات التجنيد الإجباري والطوعي؛ بتسخير تلك الأموال مستغلة الأوضاع الاقتصادية في الإقليم بوجود أعداد من الشباب العاطلين عن العمل، لتقوم بإغرائهم بالمال، للانضمام للحركة كمقاتلين. فبعد عودة زعيم الحركة خليل إلى دارفور بدأت قوات الحركة التي تتخذ من منطقة وادي هور في شمال دارفور معقلا لها تعاود عملياتها التي ظلت تمارسها طيلة سنوات الحرب بقطع الطرق في الإقليم، والتي تضرر منها مواطن الإقليم البسيط أو ما يسمى بالأغلبية الصامتة بأخذ ونهب ممتلكاتهم، بجانب اقتياد البعض إلى سجون الحركة وتخييرهم بين الانضمام إلى صفوف الحركة أو البقاء في السجون والمعتقلات. وتحمل ذاكرة المواطنين في دارفور الكثير من الحكاوي والروايات المأساوية حول ممارسات الحركة وتعاملها مع المواطنين الذين تختطفهم والظروف التي عايشها المختطفون في سجون ومعتقلات الحركة، فيما لازالت الكثير من الأسر تنتظر عودة أبنائها الذين اقتادتهم الحركة منذ أكثر من ستة أعوام من طريق الأربعين بين الفاشر وأمدرمان ولا تملك أسر المختطفين أي معلومة عن أبنائها سوى مقولة أن المعارضة أخذتهم . نقلا عن صحيفة الاخبار السودانية 25/10/2011م