بليلٍ، وقبيل زيارة د. التجاني السيسي رئيس السلطة الاقليمية لاقليم دارفور، رئيس حركة التحرير والعدالة، إلى معسكر (كلمة) بولاية جنوب دارفور، اطلقت في وجهه تهديدات بالتصفية والرجم والسحل، في حال حاول زيارة المعسكر ضمن جولته في الإقليم للتبشير بوثيقة الدوحة لسلام دارفور التي تم التوقيع عليها بين حركته والحكومة لاحلال السلام بالاقليم. ويقع معسكر (كلمة) على بعد (15) من الكيلو مترات شرق مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور، وسمي باسم قرية (كلما) التي حرفت الى (كلمة) الوادعة الهادئة، ومن المفارقات ان كلمة (كلما) التي تسمت بها القرية ومن ثم المعسكر تعني في لغة قبيلة الداجو (قلبي الخائف)، والناس اليوم بعضهم خائف قلبه من الحرب والبعض الآخر خائف قلبه من السلام. فالمعسكر صاحب الصيت السيئ حمل صليب اجهاض مساعي السلام، السلام الذي لا تكون حركة عبد الواحد محمد نور طرفا فيه، وصنع المعسكر لنفسه خطا أحمر قاني من دماء المبشرين بالسلام أيا كانوا، واستن شريعة القتل والسحل داخل المعسكرات، فوقعت حادثة رجم مترجم بعثة الاممالمتحدة محمد ضيف الله على مرأى ومسمع من ممثل الاممالمتحدة يان برونك وموظفي الاتحاد الأفريقي والنازحين بعد التوقيع على اتفاقية سلام دارفور (ابوجا)، رغما عن أنه كان يعمل داخل المعسكر وسط النازحين في برنامج الاغاثة ويعرفهم ويعرفونه، وذلك بدعوى انه (جنجويد)، وتوالت اعمال القتل تباعا وتمت تصفية خمسة من النازحين الذين شاركوا في مفاوضات وثيقة الدوحة الأخيرة بحجة ان عبد الواحد نور لا يوافق عليها.. وقبيل زيارة د. التجاني السيسي للمعسكر الاسبوع الماضي، اغتيل اثنان من منسوبي حركة عبد الواحد نور بدعوى انهم لا يمانعون في زيارة السيسي لمراكز نفوذ عبد الواحد في سنتر (6 و 7 و9).. ورغم عمليات القتل الكثيرة التي نفذت لم تشهد ساحات العدالة محاكمة أي من هؤلاء القتلة الخفيين والظاهرين، ويبدو ان (مشنقة) سجن نيالا التي نصبت مؤخرا لن يذهب اليها أحد لعدم كفاية ادلة الادانة وضعف البينات، فمن بين ثمانية معسكرات للنازحين رابضة فى خاصرة مدينة نيالا، بنى معسكر (كلمة) سمعته من تلك السيرة، بالرغم من ان كثافة المعسكر السكانية (86) ألف نسمة وهي نسبة أقل بكثير من المعسكرات التي تجاوز تعداد النازحين فيها المائة ألف، إلا إن ولاء نازحي (كلما) لحاملي السلاح واشتغالهم بالعمل السياسي القائم في الاساس لمناهضة اتفاقيات السلام، جعله المكان الاول الذي تسفك فيه الدماء لاسباب سياسية غير ارض المعركة وميادين القتال. وقد تمددت مساحة المعسكر وحجمه بتمدد ايام النزوح وعمر الحرب وفاقت مساحته مساحة القرى المجاورة، اذ يضم اليوم تسعة مراكز (سنتر) مقسمة وفقا للقرى والمناطق التي نزح منها أهلها من قرى شرق نيالا ومهاجرية ولبدو وشطايا ووادي صالح من مناطق غرب دارفور، ووفقا لذلك فان مجموعات ضخمة من نازحي المعسكر ينتمون الى جناح عبد الواحد محمد نور الرافض للسلام والحوار. وخلال السنوات الثماني للمعسكر، ولد فيه من ولد من الاطفال والطفلات الذين يمثلون رقما يصعب تجاوزه، الا انهم لم يعرفوا معنى للحياة العادية واللهو واللعب، ولم يروا من نور المدينة غير اشعتها المرسلة من بعيد، فزادوا أهلهم هما، بسبب قلة التعليم وبالتالي انعدام فرص ايجاد حرفة ومهنة في المستقبل، ويخشى عليهم من أن يألفوا حياة الطوارئ تلك. ويراهن د. التجاني السيسي، على المعسكرات كمعيار لنجاح انفاذ الوثيقة، باعتبار ان معسكرات النازحين واللاجئين واحدة من اكبر مظاهر انعدام الأمن والسلام في دارفور، ولذا يعول السيسي على مشاركة النازحين في حفظ الامن وحماية القرى حال الشروع في تطبيق برنامج العودة الطوعية، بجانب القوات النظامية.. فهل ينجح السيسي في اختبار (كلما)؟.. وقد اعتبر السيسي خلال زيارته الأخيرة، اطلاق الوعود الفارغة للنازحين بمنحهم تعويضات فردية دون خطة مدروسة، ومن أية جهة غير الدوحة مجرد متاجرة، وذهب الى انه لن يعد ببناء قرى نموذجية كيلا يطلق النازحون آمالهم العراض، وقال ان تكلفة بناء قرية نموذجية واحدة يكلف (30) مليون دولار حسب دراسة لإحدى الشركات السعودية، في حين أن هنالك (3) آلاف قرية في حاجة الى الاعمار، وبالتالي حسب السيسي يصبح من الممكنات أن يعوض كل فرد حسب خسارته، وأن يعود الى سابق حرفته مزارعا أو راعيا لدعم الاقتصاد. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 1/11/2011م