والي ولاية جنوب كردفان أحمد محمد هارون أكد على نحو قاطع ان الهجوم الأخير للمتمردين على منطقة تلودي بجنوب كردفان تم بدعم جنوبي لا شك فيه. فى ولاية النيل الازرق سبق وأن رصدت السلطات السودانية – بوضوح – حركة دعم بالطائرات تقدمها حكومة جمهورية جنوب السودان للمتمرد عقار بغية تثبيت وضعه الراهن - على سوئه - فى مدينة الكرمك التي بات عقار يسمع فيها وقع أقدام جنود الجيش الحكومي جيداً. ثالثة الأثافي فى الامر ان نزاعاً خفياً نشب مؤخراً ، ثم ذاع صيته لاحقاً بين الفريق سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان و د.رياك مشار وثالثهم أموم بشأن توصية قدمها الأخير لرئيسه بدعم الحركة التى تقاتل الحكومة السودانية لأقصي الحدود. النزاع سببه رفض الدكتور مشار نائب الرئيس للدعم وما سوف يترتب عليه من مخاطر على جمهورية جنوب السودان، فى الوقت الذى لا يبالي فيه أموم بذلك. وغير بعيد عن كل ذلك ما شهدناه الأسبوع الماضي من قيام طائرات تابعة للبعثة الأممية فى السودان (اليوناميس) بإخلاء جرحي المتمردين فى جنوب كردفان الى جنوب السودان، دون استئذان الحكومة السودانية و فى الوقت نفسه بترحيب من الجانب الجنوبي . الامر على هذه الشاكلة – دون أدني شك – يمكن توصيفه بأنه (عدوان) جنوبي على السودان ، ذلك ان دعم أى عمل مسلح ضد بلد يعتبر – وفق قواعد القانون الدولي العام – عدواناً او إعلان حرب من جانب الدولة الداعمة على البلد المعتدي عليه، والسودان كما هو معروف لديه شكوي رسمية قيد النظر على منضدة مجلس الأمن الدولي . هذا الوضع الأمني الشائك بين البلدين يبدو بعيداً عن اعتبارات القوى الدولية وان لم تتجاهله تماماً او تلقيه وراء ظهرها، ولكن كُلنا بإمكانه ان يتصور إذا كانت الصورة معكوسة، بمعني اذا كان هذا الدعم المكشوف والذي هو ليس فى حاجة لإثبات قد تم من جانب السودان ضد جمهورية جنوب السودان ! لقد كان من المحتم ان تقوم الدنيا ولا تقعد، غير ان هذا كله ورغم شعور جمهورية جنوب السودان بأنها فى مأمن من ردود الفعل، وفى مأمن من أى قرار دولي من مجلس الأمن – طالما ان واشنطن عبر مندوبتها هناك سوزان رايس – تحت خدمة الدولة الجنوبية الوليدة، إلا ان هذا الوضع فى الواقع يمنح السودان مزايا وأوراق سياسية من شأنها إضعاف موقف جمهورية جنوب السودان وهذا ما بات يظهر جلياً فقد وصل الضعف بالحجة والمنطق والقانون بدولة الجنوب درجة ان تحاول مساومة السودان (بالأموال والنفط) مقابل منطقة أبيي ! فلو كانت دولة جنوب السودان قوية الحجة، وقوية عسكرياً ومسنودة بما يكفي دولياً لما ألقت بهذه الورقة على المائدة فى هذا الوقت الباكر بما جعل (بقية أوراقها) مكشوفة ولم يعد من جدوي لما تبقي من أشواط اللعبة. إضافة الى ذلك فان جمهورية جنوب السودان نفسها وبعدما استهانت بالمتمردين الذين يقاتلونها عادت لتفاجأ مفاجأة صاعقة بعمل عسكري خطير ينطلق ضدها على غرار حرب العصابات واحتلال المدن الذى تعرف مخاطره جيداً. تري من هو الخاسر الحقيقي الآن؟