هل يريد الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني أن يكون مشاركاً في الحكم من خلال بعض أعضائه وناشطاً في نفس الوقت لإطاحة هذا الحكم من خلال البعض الآخر مثل علي محمود حسنين والتوم هجو؟! لقد أصدر هذا الحزب بياناً على خلفية مطالبة رئيس الجمهورية رئيس الحزب الحاكم عمر البشير بتحديد موقف زعيمه الميرغني من علي محمود حسنين والتوم هجو، وجاء في البيان اعتبار اشتراط الرئيس لزعيم الحزب الميرغني تدخلاً في إدارة شأن الحزب، ووصف البيان التدخل هذا بغير اللائق في إطار الممارسة السياسية.. وجاء فيه أن الاتحادي الديمقراطي الأصل الآن ليس جزءًا من المعارضة أو شريكاً في الحكم». ويبدو أن حزب الميرغني غير موفق في الرد على طلب رئيس الجمهورية رئيس الحزب الحاكم.. فعلي محمود حسنين والتوم هجو هما عضوان قياديان بالحزب الذي يتفاوض بشأن المشاركة في الحكم مع الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني»، وإذا كانت نتيجة هذا التفاوض في خاتمة المطاف هي قبول الميرغني بالمشاركة، فهذا يعني أن يتراجع أعضاؤه الساعون لإسقاط النظام عن هذا المسعى وينخرطون في عملية ترتيب مستحقات وواجبات المشاركة في الحكم مع الحزب الحاكم، ومشاركته تبقى مثل مشاركته عام 1986م في حكومة الائتلاف مع حزب الأمة في الديمقراطية الثالثة، فالأخير كان حزباً منتخباً، والآن المؤتمر الوطني لا يمكن أن يقبل التعامل معه على أنه ليس حزباً منتخباً. لكن إذا لم يتراجع علي حسنين وهجو عن برنامج إسقاط الحكومة «المنتخَبة» وظلا سادرَين في هذا الاتجاه مع الحزب الشيوعي السوداني وصنوه الجديد المؤتمر الشعبي، فهذا بعد مشاركة حزبهما يعني تلقائياً خروجهما عن موقفه وسبحمها عكس تيار التنظيم ودعوة إلى انشقاق جديد يتجاوب فيه معهما من لم تصل إيديهم إلى كيكة المشاركة. أما إذا ظلا مرتبطَين بالميرغني كرئيس للحزب حتى بعد مشاركته في الحكومة فهذا يعني تكرار نموذج الحركة الشعبية في مشاركتها المؤتمر الوطني بعد اتفاقية نيفاشا. أي أن من يقود دفة التشاكس هذه المرة من داخل الحزب الاتحادي الأصل هما حسنين والتوم هجو، كما كان يفعل باقان وعرمان أيّام العجف السياسي قبل الانفصال. وبالمنطق فإن الرئيس أراد معرفة موقف حزب الميرغني ممن يسعون لإسقاط الحكم من عضوية الحزب.. فهل يُعقل أن يوافق ويصادق على مشاركة حزب في الحكم يسعى في نفس الوقت لإسقاطه؟! أم أن الميرغني يريد المشاركة على طريقة منطق الصادق المهدي في المصالحة في عهد نميري عام 1977م، حينما قال كانت مصالحتنا غطاءً لتقويض الحكم من الداخل، أو كما قال؟! كان على الحزب الاتحادي الأصل أن يقول في بيانه لو كان لابد من إصداره بأن المشاركة بعد استكمال خطواتها تعني تلقائياً تراجع حسنين وهجو عن برنامج الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي لإسقاط الحكم، وإن لم يفعلا فسيدعوان للمحاسبة.. لكن أن يشارك في الحكم وكذلك في المعارضة فهذا ما لا يستقيم منطقاً، ولا يمكن أن يكون تمويل مشروع إسقاط الحكومة من الامتيازات الواردة منها. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 3/11/2011م