بعيد زيارة رئيس دولة الجنوب الأخيرة الي الخرطوم كتبنا في هذه المساحة وتحت هذا العنوان: لم نكن أكثر تشاؤما بزيارة أولي لرئيس دولة جديدة عندما فرح الكثيرون بها ورأوا فيها بوادر تهدئة أن لم تكن نهاية خلاف تطوي بعده كل الملفات الساخنة أمنيا واقتصاديا وسياسياً. في برنامج حتي تكتمل الصورة التي خصصها يومها الاستاذ الطاهر حسن التوم لتداعيات الزيارة كنت الضيف الوحيد (المشاتر) لأنني لم أر أن الزيارة التي احتفت بها الخرطوم قد أحدثت اختراقا في الملفات العالقة وأشرت الي أن وجود رئيس دولة الجنوب لم يأت ليمد يداً بيضاء للخرطوم وأن دخوله القصر رئيسا ضيفا ما هي إلا واحدة من الزيارات البروتوكولية التي هي من شاكلة التقي الرئيسان وناقشا القضايا ذات الاهتمام المشترك, جملة محفوظة في كل لقاءات المجاملة والبرتوكول, وكان ذلك واضحا لان لقاء القمة عقد وفض وترك مشكلات ما قبل الانفصال لذات اللجان المشتركة بلا صلاحيات. من مضحكات الزمن أن زيارة سلفاكير تزامنت مع تصعيد الأوضاع في النيل الأزرق حيث لا يختلف الرأي العام من أنها أحد فصول سيناريوهات حكومة الجنوب.. ومن مضحكات الزمن أيضاً أن رئيس دولة الجنوب ترك الحال علي ما هو عليه والنار مشتعلة في النيل الأزرق وجنوب كردفان لكنه عند وداعه في المطار أطلق تصريحات في الهواء حول التزاماته مع حكومة السودان بالتوصل الي تفاهمات حول حسم عبور نفط الجنوب وقضايا الحدود وحرية التنقل و .. و.. ومن مضحكات الزمن وسخريته ان صدق مسؤولونها ذلك. المسؤولون صدقوا سلفا وتعهداته تصديقاً عملياً وليست تصريحات مجاملة تطير في الهواء كما حدث بعد أن غادرت الطائرة باتجاه الجنوب.. فحتي تاريخ اليوم تقوم حكومتنا بكرم زائد منها بتصدير شحنات البترول الجنوب عبر ميناء بورتسودان مخترقا آلاف الكيلو مترات من الجنوب الي الشمال دون أن نطالب بقرش واحد نظير هذه الخدمات.. استحقاقات العبور الي موانئ التصدير منذ تاريخ الانفصال وحتي اليوم تصل حوالي مليار ومائتي مليون دولار والبلاد تعيش أزمة اقتصادية معلومة لكننا لا طالبنا باستحقاقنا ولا أغلقنا بلوفة الأنابيب, النفط منساب بشكل طبيعي وموارده غير منقوصة تدخل خزينة الجنوب وحكومتنا في انتظار طي الملفات العالقة. من سخرية لقاءات المجاملة التعهدات التي التزم بها الجميع بوقف العدائيات وعدم دعم الحركات المتمردة أو إيوائها لكن ولا يوم واحد مضي بعد ذلك دون أن يشهد تصعيد العدائيات أو صوت المدافع أذ المزيد من اللاجئين والمشردين من المواطنين الذين لا ذنب لهم. بالأمس خرج علينا تحالف جديد التزم بحمل السلاح لإحداث التغيير السياسي لحكومة البشير أطلق علي ذاته تحالفاً ثورياً.. حكومة الجنوب نفت ضلوعها في تصميم المخطط و(حدفته) الي تجمع كاودا.. هكذا ببساطة فالنفي بالقول لا يتطلب مجهوداً.. التحالف المزعوم تمثل الحركة الشعبية لتحرير السودان ضلعه الأساسي وبرضو حكومة الجنوب لا دخل لها.. كل ذلك يمر داخل حدودنا الجغرافية وحكومتنا تنتظر طي الملفات. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 15/11/2011م