طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبنان، خلال زيارته بيروت، بأشياء كثيرة وتحدث عن العديد من القضايا، لكن مطالباته تنم عن ازدواجية في المعايير وتفسير حسب الأهواء لما يدور في المنطقة . حث بان كي مون الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي على نزع “سلاح الميليشيات"، وهو يعلم علم اليقين أن السلاح خارج نطاق الدولة يوجد بحوزة المقاومة اللبنانية والفلسطينيين داخل المخيمات، وبالتالي فهو ليس “سلاح ميليشيات"، وبرزت بوضوح الغاية من وجود هذا السلاح في حرب يوليو/تموز 2006 وفي مواقف مشابهة، كما يعلم الأمين العام جيداً المعادلة الثالوثية التي يعتدّ بها اللبنانيون الحريصون على وطنهم، وهي “الشعب والجيش والمقاومة" . كما يعلم القاصي والداني لمن يوجه “سلاح الميليشيات" هذا وما أهمية وجوده في الذود عن لبنان وترابه . في لبنان من يتخوف من أن تكون مثل هذه الدعوات بمثابة حضّ على العودة إلى مربع الحرب الأهلية التي مزقت لبنان لأكثر من 14 عاماً، ومحاولة لتحقيق أحلام “إسرائيل" وحليفتها أمريكا في أن يكون لبنان ضعيفاً ومهلهلاً حتى يكون لقمة سائغة للعدو “الإسرائيلي" . المطلوب فعلاً تحرّك لإلزام “إسرائيل" بالامتثال للشرعية الدولية وتطبيق القرارات الأممية التي ظلت حبراً على ورق منذ أكثر من ستين عاماً؟ ولماذا لا تتم مطالبة “إسرائيل" بالكف عن استهداف لبنان وانتهاك سيادته جواً وبراً وبحراً؟ ولماذا لا تفتح تحقيقات في شكوى من شكاوى لبنان المتتالية ضد الكيان الذي يستهدف أمن لبنان صباح مساء، وخاصة في موضوع التجسس والشبكات؟ حتى إن مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وبلدة الغجر مازالت ترزح تحت الاحتلال، وما حرر كان بالمقاومة وليس لأن “إسرائيل" امتثلت للقرارات الدولية . ما يثير الحفيظة أيضاً دعوة الحكومة اللبنانية إلى عدم التنقيب عن النفط المكتشف حديثاً في البحر الأبيض المتوسط إلى حين ظهور التحقيق الدولي في أحقية هذا النفط لمن، رغم أن الحقيقة البادية كالشمس في رابعة النهار تظهر أنه موجود في المياه الإقليمية اللبنانية، والأهم من ذلك أن “إسرائيل" التي تزعم أنها صاحبة الحق في هذا النفط، هي ذاتها غير شرعية، لأنها دولة احتلال قامت على جثث وجماجم الفلسطينيين . الجميع يتطلع إلى أن تكون الأممالمتحدة أكثر عدالة في إصدار القرارات الدولية وفرض تطبيقها، فهناك دولة تدّعي الديمقراطية، تحتل شعباً آخر، وتستوطن أرضه، وتستولي على موارده، وتمارس التمييز العنصري من دون أي رادع، ولا تتردّد في مخالفة القرارات الدولية والأعراف، أو تجاهلها، منتهكة أبسط المبادئ والحقوق الإنسانية، على مرأى من الجميع، فهل سيأتي اليوم الذي يقف العالم فيه في وجه هذه “الدولة" المتغطرسة ويقول لها كفى؟ المصدر: الخليج 18/1/2012م