نشرت صحيفة (كراسنا يازفيزدا) الروسية وترجمتها "النجمة الحمراء" وهي الصحيفة التابعة للقوات المسلحة الروسية أسست عام 1924م, من القرن الماضي ذكرت أن جنوب السودان أصبح مطمعاً أمريكياً بكل الدلائل التي تقول ذلك, وذكرت الصحيفة أن أسباب مطامع واشنطن في جنوب السودان يتمثل في أن دولة الجنوب الوليدة تمتلك مناطق شاسعة غنية بالنفط مما جعل واشنطن تسعي وتساعد دولة الجنوب في استغلالها عن الشمال, كما هو معلوم أن سياسة واشنطن الخارجية واضحة المعالم, فهي سياسة خارجية معززة بقوة عسكرية باطشة هدفها السيطرة علي مواقع النفط باعتباره الطاقة الرخيصة التي تحرك الإمبراطورية الأمريكية وتعزز نفوذها السياسي بسبب السيطرة علي تلك الموارد في أكثر من موقع في العالم. ولتحقيق مكاسب الشركات الأمريكية العاملة علي الأرض وحمايتها, وافقت إدارة أوباما علي بيع دولة الجنوب أسلحة وتقنيات عسكرية, وكان أوباما واضحاً في هذه الصفقة ومقاصدها وأهدافها, إذ قال أن هذا يصب في مصلحة الأمن القومي, بل أمر بإرسال خبراء أمريكان ذوي رتب عليا إلي دولة جنوب السودان, ومهمة هؤلاء الخبراء التدريب والتخطيط وتعزيز قدرة دولة الجنوب الوليدة الدفاعية. وهذا الأمر سوف يخل بميزان الردع بالنسبة للشمال, إذ أن دولة الشمال كانت تمتاز علي الجنوب بامتلاك سلاح طيران حربي يسيطر علي الأجواء عبر طيارين نالوا قسطاً من التدريب عبر عمليات تحديث سلاح الطيران الحربي, الأمر الذي كان يجعل قوات المشاة والأراضي الجنوبية مفتوحة أمام طلعات الطيران ووصولها إلي أهدافها دون اعتراض, لكن هذه الصفقة سوف تجعل من عمليات الطيران الحربي السوداني الشمالي في مقبل الأيام عملا محفوفاً بالمكارة, بل مغامرة ذات عواقب وخيمة, وقد يقول قائل أن هذه الصفقة قد تحتاج إلي وقت من أجل إحضار السلاح, وعمليات التدريب واستيعاب السلاح الجديد وتجربته عملياً, لكن أسلحة الدفاع دوماً لا تحتاج إلي وقت لاستيعابها بحكم طبيعتها. ويبدوا أن هؤلاء الخبراء مهامهم لن تكن في حواضر مدن الجنوب الرئيسية,بل قد يكون عملهم علي مشارف الحدود أن لم نقل قد يتوغلوا في أرض الشمال كل حين, وإلا فما هو السبب لطلب الرئيس أوباما من وزارة الدفاع إعطاء الخبراء الأمريكان بالجنوب حق حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم. فإذا كانت مهامهم مهام تدريب حول المدن الرئيسية بالجنوب, فلماذا يسلحوا – أي الخبراء – من أجل الدفاع عن أنفسهم ودفاعاً عن النفس مِن مَن؟! كل هذا يؤكد أن مرامي واشنطن – ترنوا إلي ما وراء الأفق البعيد, فقد سبق لمجلس الأمن أن اتخذ قراراً بإرسال 7الف جندي إلي جوبا لحفظ السلام مع وجود من ذي قبل لعدد 100خبير أمريكي في أوغندا, وذات العدد بالكنغو وأفريقيا الوسطي, أي ذات العدد البالغ 100جندي وخبير وذات العدد موجود بدولة الجنوب, فيما يبدو أن هذا العدد من الجنود والخبراء الأمريكان في وقت تقول فيه وزارة الدفاع الأمريكي أنها بصدد تقليص عدد قواتها وسحب أعداد كبيرة من عدة مواقع في العالم عبر سياسة تقشف تمليها أحوال اقتصاد الإمبراطورية المنهكة. رغم ذلك أرسلت تلك القوات إلي هضبة البحيرات ومنابع النيل, ويبدو أن المنطقة موعودة بترتيبات كبري – أي منطقة شرق أفريقيا وهضبة البحيرات -, وفيما يبدو أن الدولة الوليدة سوف تكون بمثابة قاعدة مع أخريات حولها لما هو آت, آت رغم أن صحافة البلاد تناولت موضوع تسليح جيش دولة الجنوب بكثير من النقد وتحسب المخاطر حقا في جو هذا التوتر والقضايا المعلقة والمرشحة لكل احتمال تجعل الكل يتخوف, ولكن تلك الأزمات والإشكالات قضايا سياسية, فعلي ساسة البلدين شمالاً وجنوباً النظر إلي المستقبل عبر مصالح البلدين بدلاً من نبش أضابير الأزمات والمشكلات, قبل أن تستفحل الأزمات الساخنة الآن وتتحول إلي مواجهات قد تجر إلي صراع يشغل كل الإقليم ويجعل الكلمة الأولي والأخيرة للسلاح قبل فوات الأوان. ولعن الظلام علينا بحث المصالح ألحقه دون تزيد بما يعود بالخير للدولتين, فواشنطن لها مصالح ليست مصالح دولة قومية صغيرة, بل مصالح إمبراطورية كبري تعيش وتتنفس بالنفط ومصادره ولها تحالفات وأحلاف ودول توابع ترعي الإمبراطورية مصالحهم رعاية سياسية محمية بالسلاح الذي تقف خلفه شركات كبري في أمريكا ذات مصالح متشابكة – أي شركات السلاح - مع شركات النفط الكبرى ذات الوشائج الحميمة مع ساسة البيت الأبيض لاسيما الجمهوريون القادمون من تكساس, وتمتد تلك الروابط مع المؤسسات الصناعية الكبرى وأصحاب المال المتحالف مع كبريات الصحف والإذاعات والقنوات الفضائية التي تروج لتلك السياسات. فما كان لليمين التوراتي المتشدد أن يتمرد في سياساته الخارجية, والتوسعية لولا التحالف المتين ما بين السلاح والتصنيع والبترول والإعلام,ورجال المال والساسة. نقلا عن صحيفة الآن السودانية 22/1/2012 م