دفعت الخلافات المتفاقمة بين دولتي السودان وجنوب السودان بشأن رسوم عبور النفط الجنوبي للأراضي السودانية في طريق تصديره بالرئيس الإثيوبي ملس زيناوي الذي تستضيف بلاده المفاوضات، الي التحرك في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وإجتمع زيناوي أمس الأول بوفدي البلدين كل علي حده وحث الطرفين علي ضرورة التوصل الي توافق علي القضايا المختلف حولها من أجل مصلحة بلديهما. ولم تكن تلك هي المحاولة الأولي للرئيس ملس زيناوي بين حكومتي الخرطوم وجوبا فقد قاد الرجل عدة محاولات منذ قبل انفصال جنوب السودان في التاسع من يوليو الماضي وأطلق الرئيس الإثيوبي خلال زيارة غير معلنة قام بها الي الخرطوم في الحادي والعشرين من أغسطس من العام الماضي مبادرة لإحتواء الأحداث التي تفجرت بجنوب كردفان مطلع يونيو العام الماضي وتركزت المبادرة الإثيوبية حينها علي ضرورة نبذ الإحتراب وتغليب خيار الحوار وذكرت تقارير صحافية ان الرجل جمع قيادات الحركة الشعبية مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان بأديس أبابا وتباحث معهم بشأن الأوضاع في جنوب كردفان وسبل حلها . وقال زيناوي عقب لقائه رئيس الجمهورية عمر البشير وقتها ان مبادرته تهدف الي إيجاد حلول سلمية ترضي جميع الأطراف وأكد حرص اثيوبيا علي الامن والاستقرار في السودان وجنوب السودان وأردف الرئيس زيناوي مبادرته تلك بمبادرة أخري في أعقاب تفجر التمرد بولاية النيل الأزرق مطلع سبتمبر العام الماضي ووصل الي الخرطوم في زيارة خاطفة بعد أسبوعين من إندلاع الأحداث وقال زيناوي للصحافيين عندها بعد اجتماعه مع الرئيس البشير "نحن متفائلون بحل الصراع في جنوب كردفان والنيل الأزرق بالطرق السلمية في إطار سودان موحد وله جيش واحد وعلي أساس احترام نتائج الانتخابات التي جرت في السودان مؤخراً" وأكد البشير علي تقدير الجهود المخلصة التي يبذلها زيناوي لتحقيق السلام في السودان وقال "نأمل أن تكلل بالنجاح". ولا تنفصل المبادرة الحالية التي يقودها الرئيس الإثيوبي بالتوسط بين الأطراف السودانية عن محاولاته المتعددة تلك ويتوقع أن تجد وساطته صدي لكثير من الاعتبارات التي تتمتع بها إثيوبيا خاصة علاقاتها الوطيدة والمتوازنة مع الدولتين (السودان وجنوب السودان) وقد شهدت عاصمتها أديس أبابا توقيع العديد من الإتفاقيات بين حكومتي الخرطوم وجوبا، أهمها الاتفاق الخاص بمنطقة أبيي والذي وافقت الحكومتان بموجبة علي نشر قوات إثيوبية تحت راية الأممالمتحدة لتتولي حفظ السلام بالمنطقة وهي القوات التي تقوم علي تلك المهمة منذ أشهر بأبيي. وغير بعيد عن الوساطة الإثيوبية تأتي محاولات الإتحاد الأفريقي الذي يتخذ من أديس أبابا مقراً له فقد وضعت الخلافات النفطية المتصاعدة بين دولتي السودان الإتحاد الإفريقي الذي يرعي المفاوضات بين الجانبين عبر هيئة من كبار المفاوضين برئاسة ثامبو أمبيكي أمام مسؤوليات صعبة لا سيما مع إقتراب موعد عقد القمة الإفريقية المقرر أن تجمع القادة والزعماء الأفارقة حيث كان متوقعاً أن تثمر المباحثات بين السودان ودولة الجنوب الوليدة عن اتفاقات محددة لشأن القضايا المتعلقة بينهما كنتيجة لجهود اللجنة العليا المفوضة من الإتحاد الإفريقي غير أن ذلك لم يتم الأمر الذي يرشح خلافات النفط لان تكون جنداً إستثنائياً علي اجتماعات القادة الأفارقة كما ينتظر أن يكون الملف محل نقاش بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير علي هامش القمة. ووفقاً لتصريحاته التصعيدية الجديدة من خلال إعلانه أمام برلمان بلاده أمس الأول بأن قرار وقف إنتاج وضخ النفط عبر السودان نهائي ولا رجعة فيه وتأكيده بدء حكومته فعلياً أمس الأول تنفيذ القرار يكون رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت قد نقل الخلافات بين البلدين الي مربع جديد تكون التوقعات معه مفتوحة علي كل الإحتمالات، ويأتي هذا التصعيد غير المسبوق قبل ساعات من بدء الإجتماعات التمهيدية للقمة الإفريقية حيث تبدأ غد الخميس إجتماعات الدورة العادية العشرين للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي للإعداد للقمة للقمة الإفريقية المقرر عقدها الأحد المقبل وتستمر ليومين وينتظر ان تركز القمة بشكل أساسي علي خلافات السودان بإعتبار أن المفاوضات الجارية حالياً بين وفدي الخرطوم وجوبا تتعلق بالقضايا الإقتصادية والتجارية أن موضوع القمة الإفريقية الرئيس هو تعزيز التجارة البينية الإفريقية، والتي سيصدر إعلان عن القمة بشأنها كما ينتظر أن تقر القمة ثلاث وثائق حول إنشاء هيكل وإستراتيجية متكاملة للتجارة في إفريقيا وخطة عمل لتعزيز التجارة البينية الإفريقية وآلية لمتابعة وتقييم النتائج وذلك طبقاً لتوصيات الدورة العادية السابعة لمؤتمر الاتحاد الإفريقي لوزراء التجارة التي عقدت في أكرا في ديسمبر الماضي. كما أن القمة ستبحث تقرير من مجلس السلم والأمن عن حالة السلم والأمن في إفريقيا، وهي قضايا ذات صلة بما يحدث بين السودان وجنوب السودان حالياً. الخطوات التي أقدمت عليها حكومة جنوب السودان، دفعت بالاتحاد الإفريقي إلى التعبير عن قلقه إزاء التطورات الأخيرة بين دولتي السودان وجنوب السودان، والمتمثلة في قرار الأخيرة بوقف إنتاج وضخ النفط الجنوبي عبر الأراضي السودانية، وقرار الأولي باستخلاص نثيبها من رسوم عبور نفط الجنوب، عيناً من النفط الخام. وحث رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، الدكتور جان بينج، الطرفين على التراجع عن الإجراءات الأحادية التي اتخذها كل طرف، مؤكداً أنها تهدد بإحداث أضرار بالبلدين. وقال بينج في بيان وزعه الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، (عن الخطوات الأحادية التي اتخذتها كل من حكومتي السودان وجنوب السودان، جعلت العلاقة بين البلدين تصبح على شفا الانهيار مع وجود مخاطر فورية لإمكانية تعرض الهدف المتفق عليه، وهو وجود دولتين قابلتين للحياة تعيشها في حسن جوار وداعمة كل منهما الأخرى، للانهيار). وأضاف بينج بقوله (إن الروح الايجابية والتي أدت إلي إجراء استفتاء سلمي قبل عام والانفصال الودي للجنوب بدأت تتلاشي سريعاً، وفي ظل غياب اتفاق بين الدولتين بدأت حكومة السودان، أخيراً في تحويل النفط القادم من الجنوب للتكرير محلياً وبيعه دولياً كما شرعت حكومة الجنوب في وقف إنتاج النفط بأسلوب عاجل وهو ما يخاطر بإلحاق إضرار جسيمة بخط النفط إلي الشمال). وأكد مفوض الاتحاد الإفريقي إلى أن الإجراءات الأحادية من الدولتين من شانها أن تهدد بإحداث أضرار كبيرة بلآفاق الاقتصادية المستقبلية للبلدين والعلاقات بينهما، خاصة أن هذه الإجراءات تحدث في وقت تعقد فيه لجنة الوساطة التابعة للاتحاد الإفريقي مفاوضات بين الجانبين حول مسائل النفط والاتفاقات المالية الانتقالية بأديس أباب. ارتفاع التوتر بين الخرطوم وجوبا لم يقلق دولة إثيوبيا والاتحاد الإفريقي لوحدهما، ولكنه حرك الكثير من جوانب المجتمع الدولي. فقد أعلنت كينيا الأسبوع الماضي، موافقة الرئيس عمر البشير على عقد لقاء قمة بينه وبين رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت على هامش قمة أديس أباب لتجاوز الخلافات القائمة بين البلدين. وحمل وزير الخارجية الكيني، موسس مونتقولا، لدي زيارته الخرطوم الأسبوع الماضي، رسالة للبشير من نظيره الكيني مواي كيباكي، تتعلق بقمة الاتحادي الإفريقي وأكد أن القمة ستناقش القضايا العالقة بين دولتي السودان، بالتركيز على مشكلة نقل البترول الجنوبي عبر السودان. وأوضح أنه طرح على القيادة السودانية بعض الأفكار بشان العديد من القضايا التي تثير الخلاف مع دولة جنوب السودان منها عائدات النفط والأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وترسيم الحدود والمواطنة، مشدداً على أن دولته تريد تحقيق السلام بين الدولتين، مشدداً على إن حل كل هذه القضايا يجب أن يتم عبر الآلية الإفريقية. كما أكد نائب وزير الخارجية النرويجي، توغير لارسن، الذي زار البلاد اليومين الماضيين. وسيشارك في القمة الإفريقية، حرص الحكومة النرويجية على وجود علاقات حسن جوار وأجواء مشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان لتبادل المنافع. ونشط وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمر بين الخرطوم وجوبا في محاولة لتقريب وجهات النظر بين البلدين. نقلاً عن صحيفة الرائد 25/12/2012م