كان الحزب الوطني فى السودان أكثر شعوراً بالتفاؤل حيال مفاوضات أديس أبابا التى انطلقت الجمعة الماضية، حيث قال أمين الامانة الاقتصادية بالوطني الدكتور الزبير أحمد الحسن وهو عضو لجنة التفاوض إن الوفد التفاوضي السوداني يتوقع الوصول الى اتفاق حول مفاوضات النفط. غير أنّ الأمر سرعان ما أصبح مجانباً لهذا التفاؤل، فالأمر لم يتغير كثيراً عن ما سبق. صحيح أن الجانب الجنوبي بدا بغير خيارات، وحتى خياراته التى يتحدث عنها بمدّ أنابيب عبر كينيا أو جيبوتي فهو خط مكلف ويستغرق وقتاً طويلاً ومخاطره عالية جداً، ولا يُتوقع أن تتحمس له الشركات مهما كانت المغريات. كل هذا صحيح، ولكن بالمقابل فإن ملف النفط هو بيد قوي أجنبية بأكثر مما هو بيد جوبا. ولهذا سيظل هذا الملف شائكاً لأنه يتيح للقوى الدولية ممارسة ضغط على الخرطوم، وفى الوقت نفسه تضع النفط الجنوبي داخل جيبها! من جانب ثانٍ إن هذه القوي الدولية لا تبدو على عجلة من أمرها لحلحلة هذه القضايا حالياً، فهذا العام هو عام الانتخابات الرئاسية الامريكية، وهو أمر معروف تؤجل فيه القضايا ويُعلّق بعضها ويُترك بعضها بهذه السيولة، وبعضٌ آخر يتم تجميده فى (الفريرز السيياسي)؛ لهذا فإن ملف النفط بين الخرطوموجوبا يتطلب وقتاً طويلاً جداً، ربما راهنت فيه واشنطن على معالجة المعادلة السياسية فى دولة جنوب السودان والمعادلة السياسية فى السودان. وعلى ذالك يمكن القول إن تعثر المفاوضات أمر مقصود من جانب هذه القوى الدولية، ولا يهمّها فى الوقت الراهن مصالح الدولتين، ومن ثم فإن الأضرار التى تلحق بجنوب السودان جراء هذا الموقف تبدو أكبر و أفدح ؛ فقد حذرت (الفاو) من مجاعة طاحنة تتهدد جنوب السودان، وهو أمر تكرر كثيراً في الآونة الاخيرة وليست هنالك حلول أمام حكومة جنوب السودان، حيث يجد بعض المانحين صعوبة فى تقديم مساعدات لدولة نفطية لديها موارد؛ ولكن الذي تعاني منه هو سوء إدارة وفساد.