التسريبات الإعلامية التي رشحت من الخرطوم بتأجيل مفاوضات الدوحة التي كان من المقرر أن تعقد اليوم التي سيستعاض عنها اليوم بجلسة تشاورية ستحدث ردود أفعال واسعة النطاق محليا وإقليميا ودوليا، ليس هذا فحسب، وإنما ستصيب أهل دارفور على وجه الخصوص بالإحباط، والغيظ، وغيوم القنوط واليأس والبأساء والضراء، فقد أشار مصدر سياسي وإعلامي سوداني ل"قدس برس": إلى أن جولة مفاوضات الدوحة ستتأجل إلى وقت لاحق قد يكون بعد الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في فبراير المقبل، وكشف المصدر أن وفود الحركات المسلحة لم تلتحق بالعاصمة القطرية الدوحة، وأن الوسطاء لم يبدوا حماسة كبيرة لانعقاد الجولة الحالية نظراً لعدم اكتمال الترتيبات اللازمة لها. إذا كان ما ذكره المسؤول الإعلامي السوداني صحيحا –وهو كذلك-فإن عدم إجراء جولة المفاوضات في موعدها سوف يؤثر سلبا على مجمل الأوضاع السياسية في السودان.. والسؤال الأهم الآن هو: كيف تجرى الانتخابات العامة في السودان والحركات المسلحة لا تزال تمتشق السلاح، وتستنكف عن حضور جولة المفاوضات التي انتظرها ويترقبها أهل دارفور بالأمل النفير والصبر الجميل. الأسبوع الماضي شهد حراكا سياسيا واسع الأصداء في الأوساط الدارفورية المسلحة، وملأت الفضاء الإعلامي أنباء عن توحيد ست فصائل دارفورية مسلحة في فصيل واحد تحت مسمى: "جيش تحرير السودان القوى الثورية". والحركات التي وحدت لواءاتها تحت مظلة واحدة هي: حركة جيش تحرير السودان القيادة الميدانية، الجبهة الوطنية الديمقراطية والعدالة والتنمية، حركة تحرير السودان قيادة الوحدة، الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، جبهة القوى الثورية المتحدة، وحركة تحرير السودان قيادة خميس عبدالله بكر، يلاحظ بشكل لافت غياب حركة عبدالواحد محمد نور، وحركة خليل إبراهيم وهما من أكثر الحركات المسلحة نفوذا وإثارة للقلاقل. رسمياً أعلن الدكتور غازي صلاح الدين مسؤول ملف دارفور أن الغموض يلف جولة مفاوضات الدوحة، ومن منظور شبه رسمي فقد قال منى أركو مناوي كبير مستشاري رئيس الجمهورية: مفاوضات الدوحة معمولة لقتل (أبوجا) وهي إهدار بلا شيء، وسوف تخرج دارفور من حصيلة 8 سنوات بلا شيء. وتزامن تأجيل جولة مفاوضات الدوحة باقدام الحكومة السودانية على إلغاء تسجيل 26 منظمة أجنبية عاملة في دارفور، وبررت القرار بأن المنظمات المعنية "عجزت" عن القيام بأنشطة تذكر في الاقليم المضطرب منذ عام 2003، كما أمهل القرار 13 منظمة أخرى شهراً واحداً لتوفيق أوضاعها وفقا للقوانين السائدة في البلاد. حقاً يعيش السودان في فوضى ضبابية تحجب الرؤية والرؤيا.. فالحركات المسلحة التي تتمترس في الخارج، في العواصم والفنادق، لم تقدم دليلا واحدا لجديتها والحكومة السودانية مسكونة بأزمات تثقل الكاهل، والكاحل، التوتر في الجنوب،والجنون في دارفور، والفتون في الشمال. وفي تقديرنا أن المنظمات الدولية الطوعية، والقوات الأجنبية في دارفور لا تزيد الأزمة إلا ضلالاً، وضباباً، وضراماً، يستعر على الدوام.. ألم يحن الوقت لكي يحل ويحلحل السودانيون مشكلاتهم وأزماتهم بأنفسهم؟! المصدر: الشرق 24/1/2010