يبدو أن إتساع الفجوة في تعريف رسوم عبور النفط بين دولتي السودان وجنوب السودان قد عصف بكافة المقترحات التي قدمت لتسوية أزمة النفط بين الخرطوموزجوبا ففي الوقت الذي تمسكت فيه الخرطوم بدفع مبلغ ستة وثلاثين دولاراً للبرميل قالت جوبا ان أعلي سقف لها لا يتعدي دولارين علي البرميل الواحد، تمترس كل طرف في موقفه باعد خطي تسوية أزمة النفط المتجددة بين الدولتين. البحث عن بدائل تنامت الأزمة بين البلدين بعد أن تم إيقاف ضخ النفط بأنابيب الشمال بقرار من دولة الجنوب أثر ذلك علي حركة الإقتصاد بالبلدين علي الرغم من مكابرة كل من الدولتين في انها لن تتأثر الا ان الواقع العملي وفرضياته توضح بجلاء انخفاض القوة الشرائية للعملتين كإنعكاس طبيعي لفقد صادرات البترول التي لها الأثر الأعظم في حصيلة النقد الاجنبي الذي بدوره انعكس علي إرتفاع أسعار السلع المختلفة وبمثل ما ان الإقتصاد علم البدائل بات كل طرف يتحسس موقفه ويفكر جاداً في بدائله فاتجهت دولة الشمال الي التنقيب عن الذهب وايجاد مزيد من الاستكشافات البترولية وتننمية الصادرات البترولية كخطوة لسد فجوة النقد الاجنبي. اما دولة الجنوب فاثرت التفكير في اتجاه اخر وهو الاتجاه صوب منطقة شرق افريقيا لتصدير نفطها متخذة من ميناء لامو الكيني ملاذاً لها وفي خضم تلك التوجهات للدولة الوليدة هنالك عدة اسئلة تطرح نفسها بواقعية بعيداً عن المكايدات والمشاحنات السياسية التي عصفت بوحدة الوطن من قبل الشريكين سابقاً الحكومتين حالياً، تلك الاسئلةة تطرح نفسها بقوة علي دولة الجنوب وهي مدي الجدوي الاقتصادية للمشروع والعوائق الطبوغرافية والتضاريس التي تكتنف مصيره وعلي اقدام دولة الجنوب علي ميناء لامو قناعة ام مزايدة سياسية تهدف منها للضغط علي الند الاخر لتحقيق مزيد من التنازلات في جولات النفط القادمة. قطب اقتصادي يقول الخبر الذي أوردته عدة وكالات أنباء إن رؤساء كينيا وجنوب السودان وإثيوبيا أعطوا إشارة لبناء ميناء لامو العملاق علي المحيط الهندي ويتضمن المشروع بناء خط سكة حديد وطريق سريع ومصفاة وخط أنابيب نفط يربط كينيا بإثيوبيا وجنوب السودان ويكلف المشروع 24,5 مليار دولار ويهدف الي جعل دول منطقة شرق إفريقيا قطبا إقتصادياً دولياً ليصبح مواطنو تلك البلدان من متوسطي الدخل وسيتم تمويل المشروع من حكومات الدول المعنية فضلا عن مانحين دوليين ومؤسسات مالية وسيتضمن الميناء 32 رصيفاً ويمتد الأنبوب الذي ينقل نفط الجنوب علي مسافة ألفي كيلو متر ويقول رئيس جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت ان الميناء سيشكل بديلا لنقل نفط بلاده ويحررها من الإرتباط بأنبوب النفط السوداني، دون ادني شك ما ورد في ختام حديث سلفا عن تحرر بلاده من الإرتباط بأنبوب بورتسودان ربما يعد مؤشرا لصعوبة رتق الفجوة في المفاوضات بين الطرفين إلا أن ذات توجهه ربما يصطدم بصخرة الجغرافيا والأبعد من ذلك هو سير عكس حركة التاريخ والنيل ففي وقت كل تضاريس الجغرافيا وحتي خطوط الأنابيب عالمياً تسير من الجنوب للشمال إلا أن دولة الجنوب وبمحض إرادتها أرادت أن تسير عكس ذلك في توجه جديد لصك الجغرافيا. رهانات مستقبلية مخاطر كثر تحوم حول المشروع عدد بعضها مدير برنامج السودان في معهد دراسات السلام الأمريكي جون تيمين فقد أشار الي أن ؤول تلك الإشكاليات تكمن في التضاريس الصعبة التي تكتنف مسار الخط ويمضي جون في حوار ب(السوداني) الي أن إمكانية تجاوز تلك المخاطر تكمن في ربحية الخط عبر تشييد اغلبه تحت الأرض او الاتفاق مع السكان المحليين عبر الإستثمارات الإجتماعية الإستراتيجية للشركات بيد أن تيمين رهن مستقبل الخط بكمية الاحتياطي المعروفة والتكنولوجيا المستخدمة ويضيف أن تحسن أساليب الإنتاج بجانب الاكتشافات الجديدة ستجعل إنشاء الخط بالنسبة للمستثمرين أكثر جاذبية رغم التكلفة العالية الناجمة عن بعد المسافة بين الحقول والميناء وطبيعة الخام الجنوبي (مزيج داربرافيني الثقيل) الذي يتطلب وجود عدد من محطات التسخين وطلمبات الضخ علي طول الخط يخلص تيمين الي ان عوامل نجاح المشروع تكمن في الوصول الي تعاون إقليمي غير مسبوق ومستثمرين لا تنفذ جيوبهم علاوة علي الاستقرار في الجنوب إلا أن مؤشراً آخر يمثل عاملاً أساسياً لجوبا وربما يمثل أولوية قصوى لها يرتكز علي قضية الأمن القومي. فيما اعتبر الخبير الاقتصادي د. حسن بشير محمد نور في حديثه ل( السوداني) ان تلك الخطوة لا تحسب وإنما ترتبط بالتعاون الإقتصادي والسياسي طويل الأجل والمتغيرات الإقليمية ويلفت الي أن دول "كينيا ويوغندا وإثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان) تتجه لبناء تعاون واستثمار مشترك ويبين بشير ان فكرة توجه دولة الجنوب لبناء ميناء لامو الكيني ليس محدوداً في إطار دولة الجنوب فقط وإنما يتخطي ذلك، مشيراً الي أن قوة كبري ذات إمكانيات عالية تقف خلف المشروع خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي يقطع بشير بان وقوفها خلف ذلك المشروع لا يخلو من الجدوي الإقتصادية ويمضي بشير مفككاًُ طلاسم المخاطر والمنافع المتوقعة من المشروع حال قيامه ويضيف ل(السوداني) أن إرتفاع تكلفة المشروع تقابلها معدلات ضمان اكبر للمشروع في المدى الطويل ويربط بشير الخط بجملة منافع أخري تجنيها تلك البلدان علي المدي الإستراتيجي الطويل تتمثل في إقامة مشروعات مشتركة من طرق وشركات استثمار وتدريب وعمالة يدعم ذلك ملف المياه في حوض النيل بين تلك البلدان. ويري مراقبون أن ثمة تهديدات تعتري أنابيب لامو أبرزها معارضة ناشطين محللين للمشروع ومطالبة بتعويضات الأمر الثاني والاهم قرب الميناء من الحدود الصومالية التي تمثل مصدر تهديد للأمن الكيني خاصة بعد توغل القوات الكينية في الأراضي الصومالية في خطوة اعتبرها المراقبون أنها تهدف لتعزيز الأمن الكيني بصورة عامة وتامين ميناء لامو بصورة خاصة حيث يري مراقبون أن إنتشار القوات الكينية والإثيوبية في الصومال يصب باتجاه تامين المنطقة من عناصر الشباب الإسلامي الصومالي. نقلا عن صحيفة السوداني 6/3/2012