يعتقد السودانيون - بصفة عامة- و على نطاق واسع أنه أوفر المرشحين الرئاسيين حظاً فى نيل ثقة الناخبين السودانيين فى الاستحاق الانتخابي المقرر انطلاق اجراءاته الحاسمة فى الحادي عشر من ابريل المقبل . حيث تشير بذلك استطلاعات اجرتها(سودان سفاري) وسط عينات متفاوته من حيث الثقافة و الانتماء و الاعراق بمناطق مختلفة من السودان ، واستطلاعات اخري أجرتها صحف و وسائل اعلام سودانية اخري بمراكز بحثية . و على الرغم من ان عمليات قياس الرأي فى بلد كالسودان تعتبر حتى الآن اقل فى موضوعيتها و جوانبها الفنية مما هو سائد فى بلدان المتقدمة فى أوربا و غيرها من المناطق حول العالم ، الا ان القدر المتوفر من هذه الاستطلاعات مقروءاً مع معطيات عديدة ماثلة ، يمكن ان يعطي صورة معقولة لما هو آت. ففي جانب اول ، فقد بدت الحركة الشعبية إحدي أكبر القوى بعد المؤتمرالوطني – بحسب نيفاشا- زاهدة تماماً فى منافسة الرئيس البشير ،وبالطبع لم ينبع زهدها هذا من منطلق (تصوف سياسي) او رهبنة، اذا جازالتعبير ،و لكنها – بحسابات خاصة اجرارها مكتبها السياسي لم تكلفه زمناً طويلاً- وجدت ان أنسب من يصلح لقيادة المرحلة المقبلة لتصل هى الى مرساها الاخير المتعلق بحق تقرير المصير هو الرئيس البشير . فلو نافسته بزعيمها الفريق كير فان هناك احتمال السقوط ،و هو سقوط مدوي و ستكون له تبعاته وسوف يكلف الحركة كثيراً جداً ،وربما هزت بنيانها التنظيمي و موازناتها القبلية التى تحرص عليها الحركة حرصاً شديداً . و لو أمعنت الحركة فى منافسة البشير ايضاً لربما تشتد المنافسة عندها فى الجنوب فتفقد الاثنين .. الرئاسة على المستوي القومي ، ورئاسة حكومة الجنوب ،و هى لا تستطيع ان تحتمل فقدان قيادة الجنوب و إن كانت لا تمانع من فقدان رئاسة البلاد . و هكذا فان الحركة اول من دعم ترشيح البشير سواء قصدت او لم تقصد فقد قضت حساباتها بذلك و انتهي الامر . من جانب ثان فان الحزب الاتحادي الديمقراطي ( الاصل) كما يحلو لقائده محمد عثمان الميرغني ان يلقبه زهد هو الآخر فى ترشيح منافس للبشير لأن زعيم الحزب اجري ذات حسابات الحركة و توصل الى ان ترشحه هو في مواجهة البشير ربما تقوده الى خسارة ، و الخسارة فى هذه الحالة تتجاوز هيبة الحزب التاريخية و هيبة زعيمه لتصبح قعوداً و كساحاً هائلاً ، لذا فان من الافضل كما قال الميرغني بنفسه هو دعم البشير . أما زعيم حزب الامة القومي السيد الصادق فقد (نهي) حزبه عن الخوض فى مسالة ترشيحه للرئاسة و تستَّر فى ذلك وراء (مشاروة الحلفاء) ،ولكنه دون شك أجري ذات الحسابات و خلص الى ذات النتيجة ، فالسياسة واقعية اولا و اخيراً و الخيال و الاحلام لا تصلح فيها . و ربما يقول قائل ان كل هذه الاحزاب رشحت مرشحيها فالحركة رشحت عرمان ،و ربما تم الاتفاق بين قوى جوبا على مرشح واحد ، غير ان (تحالف اللحظة الاخيرة) أو استراتيجية الاكثار من المرشحين بهدف تشتيت الاصوات انكشفت للناخبين السودانيين و كانوا هم أذكي من ساستهم اذ أن وضع الثقة فى مرشح رئاسي يقف خلفه هذ المزيج السياسي المتنافر المتشاكس معناه ، جرّ البلاد بعد أن بدأت تتعافي الى صراعات جديدة المتضرر الاول و الاخير منها المواطن. و هكذا فان وفرة حظ البشير لا تقف فقط عند حدود خيار الناخب السوداني ، و لكن ظروف و معطيات المرحلة هى ايضاً تتضافر لتفرض ضرورة ترشيح البشير !!