لدي السودان ملف ضخم في معاملات الشد والجذب وسياسات العصا والجزرة والضغوط والوعود والعقوبات من جانب الولاياتالمتحدة آخرها قضية استفتاء الجنوب. وقد ثابرت واشنطون علي إرسال مبعوثيها الواحد تلو الآخر للإغراء والضغط والمساومة لضمان إجراء الاستفتاء وتقرير مصير الجنوب في موعده. ولاحقت رئيس مفوضية الاستفتاء البروفيسور محمد إبراهيم خليل لدفع إجراءات عملية الاستفتاء ونقلت له مندوب أمريكا في مجلس الأمن ما مفاده (ليس بالضرورة الالتزام بنصوص قانون الاستفتاء وأن المطلوب (كسر) القانون لجعل الاستفتاء ممكنا في الموعد المحدد وكانت إجابته أن الاستفتاء عملية خطيرة وكبيرة وأن المصداقية والشفافية والقانونية مسألة ضرورية وحيوية). واستمر ضغطها بكثافة ورفضت واشنطون مسألة تأجيل الاستفتاء الي حين معالجة القضايا العالقة الرئيسية – ترسيم الحدود والنفط ومعالجة أوضاع المواطنين ف البلدين. وانفصل الجنوب وقامت دولته ووضعت الولاياتالمتحدة وبجانبها إسرائيل ثقلها بالكامل الي جانبه وإشغال الحرائق والأزمات بينهما الي حد الوصول بهما الي إعلان الحرب والتعبئة في البلدين, هذا المدخل بتركز شديد كان من الضروري أن يكون في أوليات التعامل مع المؤتمر الاقتصادي في استانبول بتركيا باعتبار أن أمريكا عنصر مهم في المؤتمر الاستثماري الداعم للسودان ويعني بالضرورة أن الولاياتالمتحدة التي تدعم دولة الجنوب بكافة إمكاناتها وعلاقاتها يستحيل أنتقدم عل مشاركة أو مساندة أو مساهمة من أي نوع لنجاح عمل يخدم السودان أو الشمال. فموقفها العدائي الصارخ ثابت وواضح تماماً منذ عام 1986 الي 2012م ولن تتراجع عنه. ولابد من القول أن اللجنة الوزارية للإعداد لمؤتمر السودان الاقتصادي باستانبول قد بذلت جهداً جيداً في الإعداد والترتيب للمؤتمر وإعداد الملامح بالمعلومات والإحصائيات والحقائق لأوضاع السودان ما بعد انفصال الجنوب عن الشمال. وأيضاً ملامح الاقتصاد السوداني الكلي والاستثمار والمشاريع المطروحة لتحقيق أهداف الألفية التنموية. وجري التداول والتفاكر واعتماد هذه الأوراق في مائدة مستديرة شاركت فيها دول الترويكا والمنظمات الدولية والإقليمية والحكومة والمجتمع المدني في 6 مارس 2012م. ورحب السودان باستضافة تركيا للمؤتمر الاقتصادي واعتبره تأكيداً جديداً علي حرس أنقره ودعمها لقضايا السودان, وفوجئ السودان والمؤتمر حدد لانعقاده نهاية مارس الحالي في استانبول بطلب واشنطون بسحب أسمه الولاياتالمتحدةالأمريكية من ديباجة الدعوة لمؤتمر السودان باستانبول واشترط أجندة إضافية (المشاكل العالقة بين السودان ودولة الجنوب) وهي أجندة خبيثة لا علاقة لها بأهداف المؤتمر الاقتصادية والواقع وعلي خلفية ملف التعامل الأمريكي مع السودان فإن عرقلة أو إفشال انعقاد المؤتمر كان يفترض أن يكون وارداً ومحتملاً وبالتالي كان ينبغي أن تمشي الجهود الكثيفة مع النرويج وتركيا وبريطانيا والمنظمات الإقليمية لعقد المؤتمر الاقتصادي في مكانه وفي موعده ولم يفت الأوان في انعقاد المؤتمر الهام بمشاركة الدولة والمنظمات الفاعلة في نهاية الشهر الحالي أو أبريل المقبل, إن السودان بقدراته وخبرته وعلاقاته قادر علي تجاوز الانفصال والداعمين له. نقلا عن صحيفة أخبار اليوم السودانية 14/3/2012م