أشكر لكم إهتمامكم بتصويب بعض ما نقل عني في ندوة ماهية الدستور وأطمع في مزيد كرمكم بتوضيح ما نُسب لي أيضاً من قول بأن (الثقة متوفرة في حكومة الجنوب) هذه العبارة هي إستنتاج من المحرر إنتقاه من قولي (أن حكومة الجنوب لن تذهب إلى ما يقوله البعض من إعتداء أو اعتقال للرئيس البشير عند زيارته لجوبا) وفارق بين ترجيحي لعدم إقدام حكومة الجنوب على ذلك الفعل والتقرير أن الثقة متوفرة بحكومة الجنوب. ولاشك أن الثقة غير متوفرة بين الطرفين في الوقت الراهن. وأنهما لذلك يسعيان لبنائها وبناء الثقة يستوجب خطوات عملية وجهداً دؤوباً لا أرى أن الكثير قد بُذل منه الآن. وإذا كان هذا التصحيح يوفر لي سانحة لإبداء الرأي خارج أجهزة الحزب فأنا أرى أن زيارة السيد/ رئيس الجمهورية لجوبا في الثالث من أبريل سابقة لأوانها. وهي ضرب من ضروب حرق المراحل، فنحن لا نزال في مرحلة أولية من بناء الثقة. فكيف نذهب للمحطة الأخيرة التي نستأمن فيها حكومة الجنوب على سلامة رئيس السودان بعد أن صرح رئيسها أن عليه تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية وبخاصة بعد بيان ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني بدولة الجنوب الداعية لاعتقال البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية. وعلى الرغم من عدم رغبتي في إرجاء المصالحة والموادعة، بل ورغبتي في ترسيخها وإنجاحها فإن من يقول أن سجل حكومة الجنوب في استدراج من يخالفونها بدعوى المصالحة والتفاوض ثم الغدر بهم سجل لا يدعو للإطمئنان. وقد يقول قائل إن أولئك المغدورين متمردون خارجون على شرعية الدولة. وليس ذلك موضع الشاهد بل موضع الشاهد هو الإستدراج بالمصالحة ثم الانقلاب عليها. وكما قدمت القول أنا لا أرجح هذا الظن لاعتبارات عملية ولأن عاقبته لن تكون بسهولة السوابق السالفة. ولكن ليس من الحكمة في كل الأحوال حرق المراحل. فالسرعة لها إعتبار ولكن الشعب السوداني يريد أن يطمئن شيئاً فشيئاً إلى تحسن النوايا. ولذلك فإن مقترحي هو إخضاع أمر رحلة الذهاب هذه إلى نظر عميق في أجهزة الحزب والدولة. والأفضل الاتفاق مع حكومة الجنوب على عقد القمة في أديس أبابا كما كان المقترح الأول. فإذا كان لها ثمار تُستطعم أو أفلحت نتائجها في تبديد هواجس عدد هو الأغلب من أبناء شعبنا فعندئذٍ فان جوبا ليست بعيدة. ويمكن للرئيس أن يزورها في أي زمان. ولعل حكومة الجنوب قد أخطأت في اختيار من ترسله للخرطوم لدعوة الرئيس فهي أرسلت صقورها بدل الحمائم. وإذا كان مقصودها هو إظهار حسن النية فإن للأمر وجهاً آخر عند من يتوجسون الشر من باقان أموم الذي لم يوفر سانحة إلا واستثمرها في إبداء سؤ ظنه وسؤ تفكيره وتدبيره تجاه السودان. ربما هي ليست دعوة مباعدة للحكمة أن ندعو أجهزة الدولة والحزب أن تنظر في الأمر بتمعن وتفكرٍ وتدبر. وإذا كانت الرغبة صادقة وقوية في تحسين مناخ العلاقات وبناء الثقة فإن اللقاء في أديس أبابا لا يجب أن يكون مفسداً لتدابير بناء الثقة بل هو البدء بالخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح. نقلاً عن صحيفة الصحافة 26/3/2012م