ماذا تريد دول الغرب من السودان (تحديدا)؟! هذا السؤال فشل كل خبراء السياسة والمهتمون بالعلاقات السودانية الأمريكيةوالغربية في الوصول إلى إجابة مقنعة أو معرفة النوايا الحقيقة تجاه السودان فالعداء الذي ظلت ترفعه أمريكا ودول الغرب عموماً شعاراً للتعامل مع السودان منذ مجئ حكومة الإنقاذ باعتبارها حكومة ذات توجه إسلامي أحياناً أخرى تغلفه بسياسة حسن النوايا حينما يطلق رئيسها تصريحات تؤكد تطبيع العلاقات مع السودان ولكنه كثيراً ما يشترط التطبيع بالإيفاء ببعض الشروط، وحينما تلتزم الخرطوم بتلك الشروط تتنصل واشنطن عن إلتزامها، فيما يوافق أوباما على رفع العقوبات الاقتصادية عن جنوب السودان بينما يشدد على إبقائها على السودان الشمالى. ما جعل بعض المراقبين يصفون السياسة الامريكية بالمخادعة. ولكن بعض التسريبات الصحفية كشفت النقاب عن حقيقة ما تضمره الولاياتالامريكية ودول الغرب للسودان وأسفرت عن ما تخفيه وراء سياساتها المراوغة التى تمارسها مع السودان، حيث أشارت هذه التسريبات إلى أن مخططاً استخباراتياً تقوده الاستخبارات الامريكية هدفه تقسيم السودان متخذة جنوب كردفان منصة انطلاق لها، وقد أوفدت بعض الشخصيات الأمريكية مثل جورج كلونى وفرانك وولف لجنوب كردفان بغرض فبركة تقارير مضللة عن الأوضاع هناك وتدويل القضية وإعادة إنتاج أزمة دارفور، هذا إلى جانب التقرير الدولي الذي أكد تقديم الولاياتالمتحدةالامريكيةوفرنسا دعماً مباشراً للعمليات العسكرية التي يقوم بها التمرد بولاية جنوب كردفان بتنسيق مع حكومة الجنوب اعتبره المراقبون يأتي فى إطار الخطة التي ترمي لها دول الغرب واللوبى الصهيونى لتغيير النظام بالخرطوم. واعتبر المراقبون أن الغرض الأساسى للدعم العسكرى لدولة الجنوب والمتمردين وفرض قانون لمحاسبة السودان من قبل الدول الغربية هو تحريك حملة دعائية تجاه السودان لتشبيه الأوضاع فى جنوب كردفان والنيل الازرق بما يحدث دارفور منذ عام 2003. واعتبروا أن سياسة استهداف السودان حملة متكاملة بدأت برفع العقوبات عن جنوب السودان بينما أبقتها بالشمال، ثم ممارسة المزيد من الضغوط على السودان لقبول دخول المنظمات الإنسانية لمناطق جنوب كردفان بحجة إيصال الإغاثة للمتضررين، حيث تكررت زيارات قام بها ناشطون إلى مناطق جنوب كردفان والنيل الازرق لتقديم صورة عن الوضع الإنساني تجعل المجتمع الدولي يضغط على الخرطوم لقبول عمل المنظمات حتى تتكرر تجربة شريان الحياة الذي تحول من إيصال الإغاثة للمحتاجين إلى إيصال الغذاء والعتاد للمتمردين أو كما حدث بدارفور، وينشط المبعوثون الامريكيون هذه الأيام لإقناع الكونغرس الامريكي بضرورة تدخل المنظمات الإنسانية بعد أن قدموا تقارير تدعم مساعيهم هذه. واعتبر مراقبون أن السياسة الأمريكية درجت أن تقوم على الاحتفاظ بكروت تلقَى للناخب الامريكي مع كل حملة امريكية انتخابية المحور الأساسي لهذه الكروت إظهار الساسة الامريكيين الذين يريدون تلميع أنفسهم أمام الناخب الامريكى بانهم يحفظون للولايات المتحدةالامريكية ريادتها وقيادة العالم فمع اقتراب الحملة الانتخابية تنشط الادارة الامريكية لإزالة أى غبار عالق يغبش نظر الناخب حول أزمات السودان لذلك تسعى لإصدار المزيد من العقوبات كما حدث فى محاولتها إصدار قانون سلام ومحاسبة السودان بتحريك من اللوبى الصهيونى الامريكى. ويستمر المخطط بحسب المراقبين حيث سعت امريكا لتعطيل المؤتمر الدولي لدعم شمال السودان الذى كان مقرراً له ان ينعقد بتركيا فكان لها ما أرادت برغم نفي واشنطن تعطيل المؤتمر. وقد أقدمت امريكا على هذه الخطوة حتى يظل السودان تحت ضغط الأزمة الاقتصادية التى يواجهها مع الاستمرار فى إنهاكه عسكرياً بجنوب كردفان، لذا كانت هذه الخطوة التي قامت بها امريكا وفرنسا بدعم المتمردين هناك حيث كان الهجوم على بحيرة الأبيض ومنطقة هجليج بداية لهذا العمل العسكري بجانب الهجوم على مناطق حدودية واستراتيجية، الغرض منه وقف ضخ النفط من ناحية وتحريك المعارضة والشارع من ناحية أخرى لتحقيق هدف إسقاط النظام. بعض السفراء والمختصين فى شأن العلاقات السودانية الامريكية لم يستبعدوا تورط امريكا ودول الغرب فى معارك بجنوب كردفان واعتبروا أن هذا المخطط تحركه جماعات الضغط واللوبى الصهيونى الذى يهدف الى تقسيم السودان بجانب مخطط آخر يتجه الى تغيير نظام الخرطوم. وفى هذا السياق قال السفير د.خالد حسين الخبير فى العلاقات السودانية الامريكية فى حديثه ل(الرأى العام) لا أستبعد أن تقدم فرنسا دعماً مباشراً للحركات المتمردة لأنها درجت على مد يد العون لبعض هذه الحركات كما كانت تفعل مع حركة عبد الواحد محمد نور حينما آوته وأغدقت عليه دعماً مباشراً مستمراً، ولكنه استبعد ان تكون أمريكا قد شاركت فى دعم المتمردين بشكل مباشر فهي عادة تقدم دعماً بطرق غير مباشرة في سياستها المراوغة التي تتبعها مع السودان وزاد ولكن ربما حدث ذلك استجابة لرغبات جماعات الضغط واللوبى الصهيونى والمسيحى المتشدد الذي يسعى لتقسيم السودان. وقال: الخطة الصهيونية أصبحت واضحة حيث تعمل جماعات الضغط لتقسيم السودان بينما تعمل المنظمات الغربية لتغيير النظام بالسودان وفي هذا الاتجاه قامت برفع الحظر الاقتصادي عن الجنوب بينما تشددت مع الشمال وتسعى الآن لإصدار قانون سلام ومحاسبة السودان لفرض المزيد من العقوبات، كما دفعت بمائة خبير من المارينز لتدريب الجيش الشعبى وسمحت بتصدير السلاح للجنوب. واعتبر ان الانحياز تجاه الجنوب واضحاً ففى الشهر الماضي تعاون المجتمع الدولي بشكل كبير مع الشمال ليس بغرض إنصافه أو حتى تقديم بعض الدعم له ولكن كان لأجل مساعدة أن يجد الجنوب المزيد من المكاسب، فيما يبدو أن الاستراتيجية تغيرت باتجاه ما يتماشى مع أهداف اللوبى الصهيونى الساعي لتقسيم السودان استجابة لضغوطه مع اقتراب الحملة الانتخابية بأمريكا وربما ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا من تقديم دعم للمتمردين بجنوب كردفان يأتي فى إطار خطة تقسيم السودان،. بجانب ما تم كشفه من تورط المخابرات الامريكية من تدويل قضية جنوب كردفان وتقسيم السودان. فيما قال السفير عباس أبوشامة إذا حدث أن دعمت أمريكا وفرنسا المتمردين بجنوب كردفان فإن ذلك يعتبر عدواناً حقيقياً على السودان يستحق أن يُكشف عنه على نطاق عالمى واسع وأن يعلنه السودان بالصوت العالي وتُفضح نواياهم دوليا، وأضاف فى حديثه ل(الرأى العام) أن السودان ليس بمقدوره محاربة تلك الدول المعتدية ولكنه يمكن ان يتقدم بشكوى رسمية للاتحاد الافريقي الوسيط الدولي وللأمم المتحدة ومجلس الأمن لأن ذلك يعتبر عدواناً من دول ضد السودان. ومهما يكن من أمر فان ما تقوم به الدول الغربية تجاه السودان ودعمه للجنوب سواء بشكل مباشر او غير مباشرفانه يأتى فى إطار العداء السافر للسودان بضغوط من اللوبيات الصهيونية والمنظمات التى تدّعي رعايتها لحقوق الانسان مثل منظمة هيومان رايتس ووتش وغيرها من أذرع اللوبى الصهيونى الأمريكي التى تتحرك بفاعلية ورؤية استراتيجية لتطويق السودان بعقوبات متجددة ليس لتحجيمه فحسب بل لتفتيته بحسب ما ذهب المختصين فى شأن العلاقات الغربية السودانية. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 28/3/2012م