صدَّ الجيش السوداني بالتزامن مع عملية إسترداد هجليج هجوماً شنّته بعض العناصر المتمردة على مدينة تلودي بجنوب كردفان. وبحسب متابعات (سودان سفاري) فإن هذه هى المرّة السابعة، فى غضون ستة أشهر أو أقل التى يشنّ فيها المتمردون المدعومون من حكومة جنوب السودان هجوماً على مدينة تلودي ذات الموقع الاستراتيجي فى ولاية جنوب كردفان، بما يشير الى أن الحكومة الجنوبية التى تدير العمل هذا، تراهن على إنجاح الهجوم بغية (فتح مسار) للمتمردين فى جنوب كردفان يتيح لهم التوغل داخل الولاية، لأغراض المساومة السياسية وتحسين الموقف التفاوضي. وتقول مصادر سياسية تحدثت ل(سودان سفاري) من ولاية جنوب كردفان إن الهجمات المتكررة على تلودى، وعلى وجه الخصوص الهجوم الأخير الذى أفشله الجيش السوداني تهدف الى بثّ روح معنوية عالية فى صفوف المتمردين، بعد الضربات المتكررة التى تلقوها مراراً من الجيش السوداني، كما أن الهجوم أُريد به – فى هذا التوقيت بالذات – توسيع نطاق المواجهة وتشتيت جهود الجيش السوداني لأقصي مدي ممكن إعتقاداً من دولة الجنوب ان الجيش السوداني لن يستطيع العمل فى أكثر من جبهة فى ذات الوقت! وتمضي المصادر لتؤكد أن خسائر فادحة شديدة الألم قد تكبدتها القوات المهاجمة، تراوحت بين المئات الذين سقطوا، وعشرات الآليات والأسلحة والذخائر التى أُضطروا لتركها وراءهم فارين بجلدهم، متخطين الحدود الى جنوب حدود 1956م. المتحدث الرسمي بإسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد قال فى تصريحات صُحفية –السبت الماضي– إنَّ الجيش السوداني ما يزال يطارد بقايا هذه القوات المتمردة التى تباعدت مسافاتها مع ولاية جنوب كردفان وتلاشت آمالها فى إحراز تقدم بإتجاه إسقاط مدينة تلودي . والصورة بهذا الصدد تبدو شديدة الوضوح، ذلك أن الحكومة الجنوبية التى يقاتل عناصر من جيشها الشعبي فى صفوف متمردي جنوب كردفان شديدة اللهث واللهفة للسيطرة علي مدينة مُهمّة من مدن ولاية جنوب كردفان، وهى رغبة قوية قديمة كان تجسيدها فى إحتلال هجليج، ولكن احتلال هجليج كلّف الحكومة الجنوبية أموالاً طائلة وأرواحاً شارفت على آلاف القتلى والجرحى والأسري ولم تسفِر العملية عن هدف أو ثمار إستراتيجية، ففضلاً عن أن الاحتلال فى حدّ ذاته عمل مرهق ومقلِق فى ظل ضربات الجيش السوداني، فإن المجتمع الدولي من جانبه يقف بقوة فى مواجهة عمل عدواني كهذا. ويبدو من سياق الأحداث كلها أن الخطة كانت كبيرة الحجم، وواسعة النطاق وخطيرة ، فمع احتلال الجيش الجنوبي لهجليج، جري عمل آخر – بذات الحيثيات – فى أم دافوق بجنوب دارفور، ثم عمل آخر فى تلودي بجنوب كردفان حتى يتفرّق الجيش السوداني ما بين هذا وذاك ويجد صعوبة فى السيطرة على الأمور. إن مثل هذه الخطط دون شك لا تتم بمعزل عن عنصر خارجي شديد الخُبث، واسع الحيلة ، ولكن لسوء الحظ فإن وعي الشعب السوداني وتعبئته لنفسه تعبئة سياسية وطنية رشيدة تكفَّل بإحباط هذه الخُطط بحيث لم يعد بالإمكان لا الآن ولا فى المستقبل إعادة محاولة تنفيذ خطط كهذه!