حين يشترط الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور تأجيل الانتخابات، وهو في طريقه في مفتتح هذا الاسبوع نحو طاولة المفاوضات في الدوحة، فقد يبدو لأول وهلة رجلاً جاداً ويطالب بطلب معقول، فهو على الأقل – ليس كباقي القوى السياسية التي تطالب بمقاطعة الانتخابات – ولكن د. خليل لم يأت الى الدوحة حاملاً هذا الطلب بأيدي نظيفة كما يقول رجال القضاء (cleen Hands) وإنما جاء بهذا الطلب بأسلوبه التكتيكي المعروف، وبعد أن يئس تماماً من إمكانية تغيير معادلة السلطة في السودان عبر طريق آخر غير طريق صناديق الإقتراع حيث جرب د. خليل الوثوب الى العاصمة الخرطوم نفسها بعربات الدفع الرباعي والمدافع المحمولة عليها ولم يكن ما حصده سوى الهشيم، كما جرب عدداً من الهجمات في دارفور وكردفان باءت جميعها بالفشل المحقق، بل ان د. خليل عرقل عمداً ومع سبق الاصرار المفاوضات في الدوحة العام الماضي مراهناً على مذكرة الجنائية التي كانت قد صدرت عن محكمة الجنايات في الرابع من مارس آذار الماضي ولم يستنكف د. خليل عن القول أنه يعتبر حركته (آلية للقبض على البشير) وهو قول لم يسبقه ولم يعقبه عليه أحد من كل أطياف السياسة السودانية، ولو أن خليل حينها حرص على التفاوض بنية سياسية خالصة مع الخرطوم لكان حتى الآن قد وفر على حركته الكثير، فها هي العلاقات السودانية التشادية تعود الى مجاريها وتقع آثارها السالبة أول ما تقع على د. خليل حيث اضطرت تشاد لطرده أو اخراجه من أراضيها وحجب الدعم اللوجستي والمالي عنه بل يمكن القول ان حركة خليل في الواقع فقدت مخدعها وغطاؤها ولم يعد لها من خيار سوى القبول بما تحصل عليه من مائدة المفاوضات. ولهذا فحين يشترط د . خليل التأجيل إنما يعاود المحاولة للمراهنة على الوقت والمراهنة على العوامل الخارجية ولكن هذا لا يمنعنا من القول أن د. خليل أضاع على حركته سوانحاً كثيرة وبالتالي فإن هذا ينزع عنه أي حق في المطالبة أو الاشتراط وعليه أن يواجه الأمر ويتقبله في إطار ما هو متاح له من معطيات اذ أننا ظللنا نعيد على الرجل نصائحاً غوالي بعدم المراهنة على حسابات تأتي من الخارج، وعدم استعداء الداخل، ولكن د. خليل الذي كان منتشياً بالتقديرات والحسابات لم يكن بوسع عقله ذاك أن يصغى ويستوعب!