حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    دولة تسجل 16 ألف إصابة بسبب ذبح الأضاحي    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    أكاديمية الفريع (A) تقلب الطاولة على أكاديمية الفريع (B) في ديربي الفريع الأهلي بالدامر    إجتماع ثلاثي مصغر لترتيب الاوضاع داخل الأكاديمية القضارف    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    برمة: لا سبيل لمخرج آمن للبلاد إلا بالحوار الذي يفضي إلى إيقاف الحرب    تونس تفتح أبوابها لإيران.. ماذا يريد قيس سعيّد؟    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    مناوي: حرب 15 أبريل حربُ من أجل الحرب ولا أهداف سياسية أو رؤية وطنية    حكومة دارفور: نحذر جميع قادة مليشيات قوات الدعم السريع في النزاع من مغبة جرائمهم واحترام القانون الدولي    بالأرقام.. السعودية تكشف أعداد و"تصنيفات" الحجاج في 2024    جبريل: سائلاً المولى عز و جلّ أن يحقق لبلادنا العزيزة نصراً عاجلاً غير آجل على المليشيا الآثمة و على مرتزقتها و داعميها    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في بريطانيا يحاصرون الناشط البارز بالدعم السريع الربيع عبد المنعم داخل إحدى المحلات ويوجهون له هجوم عنيف والأخير يفقد أعصابه ويحاول الإعتداء عليهم بالعصا    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. حسناء سودانية تستعرض مفاتنها بوصلة رقص تثير بها غضب الجمهور    الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    ترامب: لست عنصرياً.. ولدي الكثير من "الأصدقاء السود"    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين قرار الإتحاد الأفريقي وقرار مجلس الأمن رقم( 2046)
نشر في سودان سفاري يوم 15 - 05 - 2012

دارت نقاشات كثيرة حول القرارين أعلاه، وتراوحت ردود الأفعال ما بين الرفض والقبول، وكل طرف يدعم رأيه بما يراه من حجج، حتى الحكومة ظهرت بصورة مترددة حول التعامل مع القرار، فبعد الرفض الابتدائي الناتج من ردة الفعل، عادت الحكومة وقبلت بالقرار. وقبل أن ندخل في تحليل القرارين ثم إبداء وجهة النظر حولها، هناك عدة ملاحظات لابد من أخذها في الإعتبار قبل الإجابة بقبول أو رفض القرارين.
أولاً: هنالك متغيران أحدهما داخلي والآخر خارجي، لهما دور كبير في التأثير على المشهد السياسي السوداني.
المتغير الأول هو انفصال الجنوب والذي جاء نتيجة منطقية لاتفاقية نيفاشا، والتي كانت الحكومة ومفاوضيها يعتقدون بان إتفاق نيفاشا سيفضي إلى الوحدة، أو هكذا كانوا يعتقدون، وفي الحد الأدنى أن نيفاشا حسب إعتقادهم ستفضي إلي انفصال يؤدي للسلام.
فجميع الشعب السوداني كله بما فيهم الحكومة يعلمون أن نيفاشا أدت إلي الانفصال مع استمرار الحرب ومع إمكانية تطورها بصورة أفظع، وفي هذه المرة سوف تكون الحرب في أرض الشمال.
هذه النتيجة جعلت الشعب السوداني يدرك أن وفد الحكومة ومن ثم الحكومة قد غدر بهما. وأن سوء النية كانت هي المحور الذي ارتكزت عليه الحركة الشعبية ومن خلفها أمريكا وشركاء الإيقاد للوصول إلي فصل الجنوب وتفتيت السودان.
ولذلك أصبح هناك رأي معتبر يشكك في مقدرة وفد التفاوض ومن ثم الحكومة، رغم إدراك الحكومة بمرارة النتائج التي أفضت إليها تلك المفاوضات.
هذا مقروناً مع نتائج ثورات الربيع العربي التي كسرت حاجز الخوف تجاه الحكومات، ووصولها إلي قناعة أن ليس كل ما تفعله الحكومة بالضرورة أن يكون في مصلحة شعبها ووطنها، والنماذج على ذلك كثيرة. بهذين المتغيرين فصل الجنوب، وثورات الربيع العربي، أصبح للشعب السوداني رأي واضح فيما تقوم به الحكومة، وأن ا] فعل أو تصرف تقوم به لا يري فيه الشعب السوداني مصلحة الوطن لن يكتب له النجاح، وسوف يسبب للحكومة (غلاغل) كثيرة هي في غني عنها إذا لم تضع إعتباراً للرأي العام. وكان هذا واضحاً في الرأي الفاعل الذي قاده (منبر السلام العادل) عبر صحيفة (الانتباهة) واسعة الإنتشار في حملتها ضد الإتفاق الذي وقعه د. نافع في أديس أبابا، حتى تنصلت الحكومة عنه وإعتذر د. نافع. ثم كانت الحملة ضد الإتفاق قبل الأخير والذي أشتهر بإسم (الحريات الأربعة) فصمتت الحكومة (حائرة) وتركت مفاوضيها وحدهم يحاولون إقناع الناس عبر المؤتمرات الصحفية وعبر المساجد. وأنسحب الأمر الانفلات على أجهزة الحكومة، فما عاد المجلس الوطني باصماً على سياسات الحكومة، وحتى أجهزة المؤتمر الوطني ما عادت باصمة على كل أفعال قادتها. هذا في تقديري أحد المتغيرات الحسنة وفي الإتجاه الصحيح، فعادت إلي أجهزة الحكومة بعضاً من فعاليتها، وكذلك أجهزة الحزب، وبالتالي الرأي العام الذي أصبح له دوراً مؤشراً في قرارات الحكومة.
ولابد للحكومة أن تدرك هذا المتغير وتعمل له ألف حساب، ولا تدعي أن المعرفة والحكمة لها وحدها، وأنها تعرف مصلحة الشعب أكثر منه، فقد انتهت مقولة (مافيش حد يعرف أكثر من الحكومة)، لكن خطورة هذا الأمر وخاصة فيما يتعلق بالرأي العام، أنه دائماً لا يخضع للمنطق والعقل، فتستطيع مجموعة صغيرة مستخدمة الوسائل الفعالة الحديثة كشاشات التلفزة والفيسبوك واليوتيوب وغيرها من الوسائط عبر الشبكة العنكبوتية أن تخلق رأياً عاماً قوياً ربما تكون وراءه دوافع غير حميدة.
وبالتالي قد يفسد الرأي العام كثيراً من مصالح الوطن إذا كان هذا الرأي غير راشد، ولا تستطيع الحكومة بالأساليب القديمة أن تسبح عكس التيار مهما كانت وجاهة رأيها ومنطقه وعقلانيته. أحد المخارج للحكومة هو التعاطي مع مثل هذه المواضيع بشافية عالية وأن تدافع عما تراه وتريد أن تتخذه أمام الكافة، والحكومة تملك من الوسائط الإعلامية أكثر من غيرها وتستطيع أن تؤثر في الرأي العام أكثر من غيرها، ولها من الأدوات والمقدرة ما تستطيع أن تجير الرأي العام لصالحها إذا كانت وجهة نظرها مسنودة بمعلومات كافية تقنع الناس.
والمخرج الثاني للحكومة، أن تشرك الرأي العام فيما تريد أن تفعله قبل إتخاذ الفعل والموقف، وذلك بإعمال الشورى عبر مؤسساتها وإشراك مؤسساتها كالمجلس الوطني ومجلس الوزراء، وكذلك إعمال الشورى في أجهزة الحزب إذا كان في المكتب القيادي أو غيره، ومن ثم نقل كل ذلك للرأي العام بشفافية عالية، وأن لا تكون هنالك اجتماعات مغلقة، وأن تسمع لكل الآراء.
هذه النتائج التي ذكرنا الناتجة من المتغيرين، إنفصال الجنوب وثورات الربيع العربي لابد تخذها الحكومة في اعتبارها وهي تدير الشأن السوداني العام، وإذا لم تفعل ذلك فسوف تواجه بنتائج ربما لم تكن في الحسبان، إذا لم نقل وخيمة.
ثانياً: التعاطي مع مجلس الأمن أن يكون مسترشداً بما ذكرنا في مقالنا السابق (جريمة العدوان سراب بقيعة مجلس الأمن) فحواه أن مجلس الأمن هو جهاز سياسي أنشأته القوى العظمي المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية لتحقيق مصالحها ومصالح أصدقائها، ولابد من تفهم ذلك في التعامل معه.
ثالثاً: أما في تعاملنا مع الاتحاد الأفريقي فلابد أن نأخذ النقاط الموضوعية التالية ونحن نتعامل مع قراراته بالقبول أو الرفض.
الاتحاد الأفريقي منظمة إقليمية أحد أجسام ومكونات التنظيم الدولي يمكن أن تنظر في النزاعات الإقليمية التي تحدث في إقليمها من تلقاء نفسها أو يمكن أن يحال لها النزاع من مجلس الأمن بموجب المادة (53) من الميثاق. إن الاتحاد الأفريقي كجزء من النظام الدولي الذي أنشا بعد الحرب العالمية الثانية، يعمل وفق هذه المنظومة، ويفهم تكوينها وأهدافها، لذلك فالمجال المسموح به لحركة الاتحاد الأفريقي لحل الصراعات الإقليمية محدود جداً. بمعني أن الاتحاد الأفريقي لا يستطيع الحركة إلا في حدود ما تسمح به القوى العظمي (الولايات المتحدة) ويحقق أهدافها. بمعني أدق أنه أحد الوسائل التي تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها مثله تماماً كمجلس الأمن وقد رأينا ذلك في إجتماع القمة الذي عقد في الخرطوم، وكيف قام الاتحاد الأفريقي بتلبية الرغبة الأمريكية من حرمان السودان من رئاسة مستحقة للاتحاد الأفريقي حسب لوائحه.
الاتحاد الأفريقي يستمر في حل النزاع الإقليمي سواء أحيل إليه من مجلس الأمن أو إرتبط بالنزاع من تلقاء نفسه، ما دامت الولايات المتحدة ترى من مصلحتها حل النزاع بواسطة الاتحاد الأفريقي، ولكن في أي لحظة تري الولايات المتحدة ان مصلحتها أو مصلحة أصدقائها تحقق بإحالة النزاع من الاتحاد الأفريقي إلي مجلس الأمن فإنها تفعل ذلك وبكل سهولة ويقوم الاتحاد الأفريقي حسب (تعليمات واشنطن) بإحالة الملف إلي مجلس الأمن. وهذا ما نسميه (نحن) (بالاختطاف).
حدث هذا عندما كان الاتحاد الأفريقي أو (مجلس السلم والأمن الأفريقي – التابع للاتحاد) ينظر في قضية الإتهام الموجه للسودان بمحاولة إغتيال الرئيس حسني مبارك. فما كان من الاتحاد الأفريقي إلا أن قام بإحالة القضية لمجلس الأمن، عندما شعرت الولايات المتحدة أن ذلك يحقق أهدافها.
وبعد ثورات الربيع العربي، أصبحت المنظمات تعمل (كمحلل) (الزوج الثاني بعد الطلقة الثالثة) للولايات المتحدة – باحالة القضية لمجلس الأمن – وهذا ما قامت به الجامعة العربية في الثورة الليبية عندما دعت مجلس الأمن إلي إرسال قوات دولية (حلف الناتو)، وكادت أن تقوم بنفس الدور في سوريا لولا الفيتو الروسي- الصيني. لذلك نص الاتحاد الأفريقي في قراره الأخير تجاه السودان، بأنه سوف يحيل النزاع إلى مجلس الأمن إذا لم يستجب أياً من الأطراف للطلبات التي تضمنها القرار.
وسواءً نص الاتحاد الأفريقي على ذلك – درء للحرج – أو لم ينص فإذا كانت مصلحة الولايات المتحدة في ذلك فسوف يقوم بذلك. وفي هذا القرار ليس الأمر وارداً فحسب ولكن هذا الذي سوف يحدث ارتباط السودان بالاتحاد الأفريقي ليس حباً في الاتحاد الأفريقي، إنما كان أفضل الخيارين السيئين الناتجين من التعاطي مع الشأن السوداني خارجياً.
في غمرة الهجمة على السودان بواسطة الولايات المتحدة ودعوتها إلي إرسال قوات دولية الى السودان في العام 2006م، فكان ان إختيار السودان أفضل الخيارين السيئين وهو إسناد القوات (الخارجية) (الهجين) إلي الاتحاد الأفريقي، تحاشياً للتعاطي المباشر مع مجلس الأمن.
للاتحاد الأفريقي مواقف قوية ومشرفة تجاه بعض قضايا السودان.
وظهر ذلك بصورة واضحة في قضية المحكمة الجنائية الدولية، التي كان له فيها موقفاً قوياً مسانداً للسودان.
ولكن هذا الموقف لم يكن موقفاً مبدئياً، ولم يكن كذلك لأن قضية السودان عادلة، بل كان ذلك الموقف بهذه القوة لأن الاتحاد الأفريقي كان يعلم أنه إذا تم القبض على الرئيس السوداني وتم تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية، فيعي ذلك أن الدور سوف يأتي على الرؤساء الأفارقة بعد ذلك، لذلك كان توجيه الرؤساء الأفارقة لممثليهم في الاتحاد الأفريقي أن يقفوا هذا الموقف لحماية أنفسهم وليس لحماية الرئيس السوداني عمر البشير.
في القضية المعروضة الآن أمام الإتحاد الأفريقي والتي أصدر فيها بيانه، نكون لا نقرأ الواقع ومعطياته ولا نعرف التحليل إذا توقعنا من الاتحاد الأفريقي أن يكون محايداً او أن يتبع دستوره أو أن يطبق مبادئ الأمم المتحدة وقيمها.
الاتحاد الأفريقي في هذه القضية منحازاً بالكامل لدولة الجنوب باعتبارهم (أفارقة). وأن الاتحاد الأفريقي إستخدم في مرحلة من المراحل لتحقيق الإنفصال، والآن مطلوب منه العمل بالكامل لحماية دولة الجنوب.
وفي هذه المسألة يتطابق موقفه تماماً مع موقف الولايات المتحدة. لذلك لم يكن قرار مجلس الأمن مطابقاً تماما لقرار الاتحاد الأفريقي، بل كان قرار الاتحاد الأفريقي هو قرار مجلس الأمن الذي أصدرته الولايات المتحدة بواسطة مختصيها في الكونغرس وتم تكليف الاتحاد الأفريقي بإصداره بأسمه لضرورات الإخراج فقط.
وأمامي الآن نسخة القرارين (وأرجو من القارئ العزيز الرجوع للانترنت لإستخراج النصين) فهما صورتين طبق الأصل، والإختلاف فقط في المرجعيات والكلمات التي تشير إلي الجهة التي صدر عنها. أقول ذلك لأني أعلم تماماً أن الاتحاد الأفريقي (برغم الذي قلنا) لم يكن في يوم من الأيام داعماً لحركة من حركات التمرد في القارة، ولم يصدر قراراً داعماً لمتمردين ضد دولتهم، إلا في قضية السودان وجنوبه.
وذلك ببساطة لأن الولايات المتحدة لا يهمها الدول ولا غير الدول، غنما تنظر الى مصالحها، فإذا كانت مصالحها مع حركة التمرد فلن تتردد في دعمها والوقوف بجانبها.
ولنقرأ معا هذين النصين في قرار الاتحاد الأفريقي وقرار مجلس الأمن فيما يتعلق بالحركة الشعبية قطاع الشمال. جاء في قرار مجلس الأمن النقطة الثالثة من الفقرة الثانية (يقرر أن تقيم حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال تعاوناً كاملاً مع فريق الاتحاد الأفريقي ورئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية بغية التوصل إلي تسوية عن طريق المفاوضات على أساس الاتفاق الإطاري بشأن الشراكة السياسية المبرم في 28 يونيو 2011م بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال والترتيبات السياسية والأمنية المتعلقة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان).
وجاء قرار الاتحاد الأفريقي الفقرة (16) (يكرر المجلس إدانة الاتحاد الإفريقي، حيث لا يمكن حل النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق عسكرياً، ويؤكد بالتالي على الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي يتم التفاوض عليه، على أساس يحترم التنوع في المنطقة.
ويطلب المجلس من حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال مد يد التعاون الكامل للجنة أمبيكي، من أجل التوصل إلي تسوية عن طريق التفاوض على أساس الاتفاق الإطاري على الشراكة السياسية بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال، ووضع ترتيبات أمنية وسياسية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى حين عقد المحادثات من قبل لجنة أمبيكي..).
كل الذي ذكرنا ليس قدحاً ولا ذماً للاتحاد الأفريقي ولكنه الواقع الذي نتعامل معه.
ولذلك عندما نريد أن نحدد موقفنا من الاتحاد الأفريقي لابد ان نأخذ كل الذي ذكرنا في الاعتبار، ومن ثم نحدد كيفية التعامل.
ليس المطلوب النظر في النصوص التي يحتويها القرار ولكن المطلوب في الجهة التي أصدرت النصوص ومعرفة كيفية التعامل مع هذه الجهة.
واضح من بعض ما ذكرنا إن الاتحاد الأفريقي كان له موقفاً قوياً تجاه الجنائية، ولكن كما ذكرنا أنه كان للإتحاد الأفريقي مصلحة في ذلك.
ولذلك لابد هنا من العمل الفاعل مع الدول الأفريقية التي تتفهم موقف السودان.
مع صعوبة القضية هنا، وذلك لأن عاطفة معظم الدول الأفريقية مع دولة الجنوب، ولكن سوف لن تعدم دبلوماسيتنا وجود العقلاء الذين لهم مصالح مع السودان.
ثانياً يمكن للسودان أن يرفض ما يري من القرار ما لا يتفق مع مصالحه، فقد رفض السودان القرار( 1706). لكن نريد أن ننبه إلى أن الرفض لا يكون على ما نعتمد من عدالة قضيتنا أو احترامها للقيم والمبادئ.
فالرفض المعتمد على ما نعتقد سوف يدخلنا فيما نحن فيه.
ولكن الرفض المنتج هو الرفض المبني على دعم قوى دولية لها وضعها ونفوذها. رفضنا للقرار (1706) ما كان ليكون منتجا لولا الدعم الذي لقيناه من الصين والتي أصرت على إدراج عبارة (بموافقة حكومة الوحدة الوطنية) إلي القرار، ولم توافق حكومة الوحدة الوطنية إلي الآن المطلوب في إعلان الرفض أو عد القبول أن يكون مسنوداً بقوى دولية، وهي موجودة الآن، وهي الصين وروسيا، فقط المطلوب الاتصال بهم وشرح الموقف السوداني مدعوماً بمعلومات موثقة لأن الطرف الآخر سوف يسعي إلى تضليلهما.
وقد كان تعليقهما على القرار بعد أن صدر يشير إلى إمكانية جعلهما كخلفية يمكن إن يعتمد عليها الرفض السوداني إذا كان القرار جائراً، وهو المتوقع. فقد كان تعليق المندوب الروسي فيتالي تشوركين على القرار في مجلس الأمن: (أن طريق العقوبات هو آخر ما يمكن اللجوء اليه.. ودعا إلى تحديد الخطوات المقبلة لمجلس الأمن بدقة، أشار إلى أن إحتلال هجليج أدي إلى تدمير المنشآت النفطية في المنطقة، ووصف قرار مجلس الأمن بإنسحاب قوات جنوب السودان غير مناسب، وأعرب عن أمله في أن يتم تقييم الخسائر الناتجة عن الاحتلال وتحديد التعويضات العادلة، وأضاف أن نشاط الجماعات المسلحة في النيل الأزرق وجنوب كردفان والذي يهدف لإسقاط حكومة الخرطوم غير مقبول، وأشار الى أن هذه الجماعات تحظي بدعم خارجي.
موقف الصين لا يقل عن هذا كثيراً، ولكنها تعمل بطريقتها، وليس بقوة الاتحاد السوفيتي، وليس مطلوباً أكثر من ذلك، ولكن المطلوب الإرتباط الوثيق والتنسيق معها وإشراكهما بصورة فعالة.
اختم هذا المقال بأن نعلم أن السياسة الدولية لا تدار حسب المفاهيم السودانية ولا القيم الإنسانية التي تقف مع الحق دون مقابل فروسيا والصين تحتاج الى المقابل .. والقابل عندنا!!!.
نقلاً عن صحيفة الأهرام اليوم 15/5/2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.