شهدت أفريقيا بعد التحولات في العلاقات الدولية عقب الحرب العالمية الثانية صراعات وحروباً حدودية، ونشأت هذه الصراعات نتيجة عدم دقة ترسيم الحدود من قبل المستعمر وعوامل أخرى أسهمت في إشعال وإذكاء الصراعاتوالعنف، كانت نتائجها الحتمية انتشار السلاح في أيدي الجماعات المسلحة والعصابات والأفراد ما شكل تهديداً كبيراً للأمن القومي في معظم الدول الأفريقية التي شهدت موجة من الإضرابات والنزوح واللجوء، ولم يكن السودان بعيداً من هذه السيناريوهات منذ إعلان استقلاله في العام 1956م، حيث ظل السودان في ميدان الصراعات والحروب ل(20) عاماً مع حركات التمرد الجنوبية قبل أن تضع الحرب أوزارها في العام 2005م باتفاقية نيفاشا، ولكن اشتعلت حرب أخرى في إقليم دارفور وشرق السودان أسهمت بشكل كبير في انتشار السلاح في الحدود وداخل المدن في أيدي عصابات النهب والأفراد غير المنضوين تحت لواء القوات النظامية، كما شكلت الحروب في دول الجوار السوداني أيضاً عدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي ما استدعي إلي إيجاد مخرج بجمع السلاح من أيدي غير النظاميين سواء بطريقة طوعية أو بالطريقة التي تراها حكومات هذه الدول. من جانبه، وصف المهندس إبراهيم محمود وزير الداخلية انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة بالقضية المحورية، وقال إن هذا المؤتمر يأتي في ظروف نحن في حاجة لإيقاف النشاط المتعلق بانتشار الأسلحة، وفي ظل أجواء يشكل تداوله تهديداً خطيراً علي تطور المجتمعات المحلية، وأشاد محمود بالحضور من دول الجوار السوداني وممثل الحكومة الألمانية والخبراء الذين قاموا بتنظيم هذا المؤتمر الذي نأمل أن يُكلل بالنجاح بما تطرح من أفكار، ودعا إلي اتخاذ تدابير تتسم بالجدية من انتشار الأسلحة وحملها وتداولها بالاستهداء بالأطر المؤسسية التي تطورت في هذا المجال، وقال: نحن علي ثقة بأن هذا المؤتمر سيخرج بنتائج مثمرة بدءاً من إستراتيجية ضبط الأسلحة والتعاون الإقليمي في السيطرة عليه وتعزيز دور الإعلام والمؤسسات المدنية، وأضاف أن من شأن برنامج ضبط الأسلحة الإسهام في ضبط الجريمة وتهريب المخدرات والبشر. وأكد د. سلاف الدين صالح المفوض العام لمفوضية نزع السلاح، التزام حكومة السودان ببرنامج نزع السلاح والدمج، وقال في افتتاح المؤتمر الإقليمي للسيطرة علي الأسلحة الصغيرة والخفيفة لدول الجوار الغربي للسودان وهي ( ليبيا- تشاد- أفريقيا الوسطي والكنغو الديمقراطية) بفندق كورنثيا بالخرطوم أمس، بحضور المهندس إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية، وقال سلاف الدين إن برنامج المفوضية يستهدف توعية المجتمعات المحلية ودعم الصلح والتصالحات، وأشار سلاف إلي أن هناك دولاً ظروفها شبيهة بظروف السودان الأمنية ونحن ننقل إليهم خبراتنا، ودعا الدول التي تدعم الحركات المسلحة في أفريقيا بالسلاح إلي وقف الدعم فوراً. ومن جانبه، قال اللواء بابكر أبو سمرة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن الانتشار الكثيف للأسلحة الصغيرة والخفيفة أجّج الصراعات وفاقم من الخصومات السياسية الداخلية وادي إلي تنامي الأنشطة الإرهابية، ودفع سكان مناطق الصراعات إلي النزوح للمناطق الحضرية الآمنة الشيء الذي أثر علي النشاط الاقتصادي والاجتماعي، وأشار إلي أن التجارب أثبتت عدم جدوى العمل المنفرد للدول في محاربة مثل هذه المشكلة، وأصبح من الضروري تضافر الجهود وتوحد الأفكار والرؤى للقضاء علي انتشار هذه الأسلحة عبر أطر فعالة تتداعي لها دول الإقليم، وأكد ثقته بدول الإقليم التي تملك الإرادة والقرار لتجاوز هذه المشكلة بالعمل المشترك، واستشهد بتجربة الاتفاق الثلاثي علي تأمين الحدود بين (السودان- تشاد وأفريقيا الوسطي)، وأضاف أن دول الإقليم تستطيع تطوير مثل هذا الاتفاق بوضع بروتوكولات وإبرام اتفاقيات لمكافحة الانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والخفيفة، وأوضح أن هذا المؤتمر يهدف إلي تحقيق جملة من الأهداف مثل التصدي لمشكلات الاتجار والتداول غير المشروع وسوء استخدام هذه الأسلحة عبر الحدود والوصول إلي نهج توافقي للسيطرة علي الأسلحة، وتكوين آلية مشتركة لمتابعة تنفيذ برامج السيطرة علي الأسلحة علي حدود الدول المشاركة من خلال تسهيل انسياب المعلومات وتبادلها وزيادة مستوي التنسيق والتعاون بين الأجهزة والإدارات ذات الصلة. ومن جانبه، حذر علي الزعتري المنسق المقيم للأمم المتحدة ومسؤول الشؤون الإنسانية، حذر من تفاقم الصراعات المسلحة التي إذا استمرت لن يكون بالإمكان السيطرة عليها وقال الزعتري إن السودان شهد انتشار الأسلحة الصغيرة ما أدي إلي تفاقم الصراعات، ودعا إلي إقامة شراكة مع دول الجوار من أجل مكافحة هذا الانتشار، وأوضح أن الأممالمتحدة تلمست تقدماً ملموساً في المناطق التي نزعت منها السلاح، وأكد دعمها لحكومة السودان في مجال السيطرة علي الأسلحة الصغيرة وتحقيق الاستقرار. فيما قال مستر وولف قانق ممثل الحكومة الألمانية إن دول الجوار الغربي للسودان شهدت الكثير من النزاعات في السنوات الماضية ما خلف كميات ضخمة من الأسلحة وهذا من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، ويجب أن تسهم الدول الأخرى في مكافحة انسياب السلاح إلي أيدي المدنيين، وقال: أنا علي ثقة أن السودان سيتعاون مع كل دول الجوار بما لديه من خبرات في التعاون في مجال جمع الأسلحة الصغيرة ووقع اتفاقاً مع جيرانه كافة في هذا الصدد، وقال إن ألمانيا مستعدة للمساعدة في جمع الأسلحة إذا توافرت الإرادة السياسية، وأشار إلي أن انتشار الأسلحة في ليبيا يمثل خطراً كبيراً ويمكنها أن تعبر الحدود خاصة إذا وقعت في أيدي الإرهابيين. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 23/5/2012م