سيظل كل من الدكتور خليل ابراهيم والمتمرد الدارفوري عبد الواحد محمد نور يدوران في حلقه مفرغة بلا قرار اذا لم يستوعبا دروس التاريخ وعظاته ذلك أن الرجلين أفرطا افراطا في كيل الشروط ووضع المصاعب والعقبات علي طريق مفاوضات دارفور.. فالأول- كما شهدنا- ظل يشترط رئاسة دورية وتأجيل للانتخابات وقسمة سلطة وثروة حدد لها نسبة جزافية وظروفية مضحكه 42% والثاني يشترط اعادة الأمن والاستقرار وعودة جميع النازحين وايقاف كافة أشكال العنف واخراج القبائل المستجلبة من مناطق أخري- حسب تعبيره- ومن ثم وبعد أن يتم تنفيذ كل هذه (الطلبات) يمكنه أن يجلس للتفاوض!!. من الواضح اذن أنها حلقه مفرغه حلزونية الشكل يصعدان فيها الي أعلي ثم يهبطان دون هدف، ونحن نعلم هذه الرؤي بالنقاط من خلال المنطق والاقناع هذه هي بديهيات التفاوض والتي لا نشك أن كلا الرجلين يعلم بها غير أن السؤال الذي يثور هنا، لماذا اذن يقف هذين المتمردين هذا الموقف؟ الاجابة واضحة للغاية فهما من جهة (متخوفان) من أن يتجاوزهما الزمن وهذا لابد سيحدث لأن الانتخابات العامة ستقوم في موعدها وقد شاركت فيها كافة القوي السياسية السودانية، ونتيجة هذه الانتخابات- كيفما كانت- ستكون عنواناً للحقيقة في السودان وستكون المجموعة التي أحرزت نتائجاً جيدة مسنودة بشرعية جماهيرية بما في ذلك جماهير اقليم دارفور وهذا بدوره سوف يقضي علي حجة هذه الحركات المسلحة بادعائها تمثيل أهل دارفور وتحدتها باسمهم. فأهل دارفور عقب الانتخابات المرتقبة لن يكونوا بحال من الاحوال كما كانوا قبلها اذ انهم سوف يكونوا قد شاركوا في اختيار من يمثلونهم ولن يكون من حق أحد من الحركات المسلحة القفز فوق ارادة هؤلاء الناخبين أو التدخل في ارادتهم واختيارهم. ومن جهة ثانية فان ادارة الرئيس أوباما وبصرف النظر عن جماعات الضغط التي ظلت تحوم حولها عازمة وبجدية شديدة علي انجاح العملية الانتخابية الجارية الان في السودان وعازمة في الوقت نفسه- كما رأينا من تحركات الموفد الامريكي الخاص اسكوت غرايشن- علي طي الملف الدارفوري بحيث تتوجه الانظار عقب الانتخابات الي الجنوب وحده حيث يتقرر مصيره مطلع العام المقبل. من ناحية ثالثة فان الزمن قد تجاوز فعليا ايجاد أطروحات (جديدة) في ظل هذه الانتخابات اذ لم يتبق هنالك من سلطة أو ثروة تمنح وصناديق الاقتراع قد تم اعدادها وتجهيزها، وهكذا فان مراهنات هؤلاء المتمردين – أياً كانت- لا تتسق مع أي قدر من المنطق وهي بهذه المثابة تعتبر نوعاً من القفز في الظلام!!