من القضايا التي ظلت شائكة ولطالما ازدادت تعقيداً حسب ما يري ذوي الاختصاص من المحللين والسياسيين هي أن تأتي علاقة ما بين دولتي شمال وجنوب السودان بناء علي قرارات وأجندات دولية فذات المخاوف بدأت تتسرب في دواخل قيادات ملا البلدين بان تفرض نتائج التفاوض إذا ما وصلت لطريق مسدود لعقوبات ليس للدولتين تحمل طاقاتها ونتائجها والتي منها تضيق الخناق الاقتصادي بداية ومن ثم التشديد السياسي علي صعيد العلاقات الخارجية بغرض تبادل المصالح المشتركة بالإضافة الي إيقاف عملية استقبال الصادرات الإنتاجية والتي بدورها قد تمثل نسبة كبيرة في توفير النقد الأجنبي. أيضاً لم يخف هؤلاء المحللون أن عدم التوصل لاتفاق ما بين حكومتي البلدين قد يؤدي الي عواقب وخيمة تبدأ بنشر قوات أممية عازلة علي طول الشريط الحدودي بين الدولتين أضف لذلك ربما تحدث اختراقات لتلك القوة بزيادة حدة التوتر مما يزيد من حجم تعقيد المشكلة كما أن من شأن إغلاق الحدود والذي بدوره يؤثر علي تبادل التجارة. في ظل أن الجنوب يعتمد بشكل أساسي علي صادرات الشمال من السلع الأساسية وكذلك الشمال يحتاج الي صادرات الجنوب من النفط أي أن كلا الدولتين في حاجة للأخرى وهو ما يحتاج تقديم تنازلات من جميع الأطراف إذا ما توفرت الإرادة والرغبة السياسية للتوصل لاتفاق والابتعاد عن سمات التعنت والنظر بصورة أعمق لمصالح البلدين عبر غرف التفاوض المغلقة ووضع مجموعة الظروف الاقتصادية وحوجة حكومتي جوباوالخرطوم لبعضهما هو الحل بعدما أضحيا مواجهين باحتجاجات من قبل المواطنين وان ما يحدث في الخرطوم في الفترة الأخيرة دليل علي ذلك قامت عدد من المظاهرات احتجاجاً لما قامت الحكومة من سياسات اقتصادية تقشفية هو نفس الشيء الذي عانت منه جوبا مما دفعها الي التوجه نحو شرق إفريقيا لاستيراد سلعها بعدما أغلقت حدودها مع الشمال أضف الي ذلك حالة التوتر الأمني الذي ساد عدد من الولاياتالجنوبية والذي كاد أن يصل حد الحرب الأهلية بجانب غلاء المعيشة. وإذا ما تم تطبيق عقوبات القرار(2046) الصادر من الأممالمتحدة فإنها ستكون بمثابة العقدة في المنشار من حيث رسم علاقة الدولتين في ظل رؤية الجنوب من خلال منبر المفاوضات نجد أن أولوية التفاوض تكمن في التطرق الي تفاصيل الملف الاقتصادي والتي يجئ بعدها الملف الأمني ثم الحدود وقضية منطقة أبيي في الوقت الذي تري فيه حكومة السودان انه يتوجب حسم الملف الأمني من وجهة نظر تقول إن الأمن إذا ما توفر يتحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتامين الحدود، بحيث تبدء الخطوة بسحب الفرقة (9-10) من جنوب كردفان والنيل الأزرق الذين تتبعان للجيش الشعبي وإخرجهما ما وراء حدود 56. ولكن تبقي المعضلة في مدي قدرة طرفي التفاوض بتجاوز نقاط الخلاف والتوصل لاتفاق يقيهما الوقوع في مصيدة القرار الاممي قبل حلول فترة انتهاء التفاوض عند الثاني من شهر أغسطس. نقلا عن صحيفة الوفاق19/7/2012