على العكس ما ظل يرتجي الكثيرون ، فان السودان و منذ صدور مذكرة التوقيف من محكمة الجنايا الدولية ضد رئيسه فى الرابع من مارس آذار من العام الفائت 2009 و التى شارفت على إكمال عام حتى الآن ، بل يجد العدم و المؤازرة من أى محفل دولي يحضره ، خاصة محافل الاتحاد الافريقي . ففي القمة الاخيرة ال14 التى انعقدت فى أديس أبابا بمقر الاتحاد الافريقي مؤخراً ، شارك السودان بفاعلية اضافية - اذا جاز التعبير - فعِوضاً عن النقاشات التى شارك بها و المواقف التى وقفها فانه التقي – على هامش القمة- بدول و رؤساء و مسئولين كبار استطاع ان يحقق من خلال التقائه بهم الكثير، فعلي صعيد العلاقات السودانية التشادية فقد أنهي الطرفان العديد من القضايا و أضفيا عليها جدية غير مسبوقة . و على صعيد التعاون الثنائي مع دول عديدة فقد عزز السودان موقفه من قضايا اقليمية و دولية عديدة. و لعل اهم ما ربحه السودان من هذه القمة أنه و على الرغم من أن أمين عام الاممالمتحدة السيد كي مون حرص فى مخاطبته للقمة على دعوتها للمشاركة فى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ، إلا ان القادة الافارقة تمسكوا بقرارهم السابق الثابت بعدم التعاون مع الجنائية لحين تعديل ميثاقها و تخليها عن الجانب السياسي و العنصري . والأمر الملفت بشدة فى هذا الصدد أن أمين عام الاممالمتحدة أضطر الى مخاطبة القمة و المشاركة فيها رغم وجود الرئيس البشير بين المشاركين فيها،و هى نقطة جديرة بالانتباه ، نسبة لما هو معروف من أن أمين عام الاممالمتحدة و بحكم منصبه كموظف دولي يمتنع عليه التعامل مع الرئيس البشير ؛ كما ان المجتمع الدولي يبذل مجهودات عديدة ترمي لعزل الرئيس البشير و منعه من المشاركة فى المحافل الدولية ،و لكن لم يكن هنالك من بُد ، فالرئيس أحيط بدعم أشقائه الافارقة و قرارهم التاريخي بعدم التعاون مع الجنائية. و لعل كي مون حث القادة الافارقة على التعاون مع الجنائية الدولية – و فى ذهنه دون شك – ما ظل يرشح من أنباء وقتها من ان محكمة استئنافية فى محكمة الجنايات الدولية تستعد لاعلان قرار فى استئناف قدمه لها المدعي علام للمحكمة لويس مورينو لإضافة تهمة الابادة و الجماعية ضمن التهم الموجهة للرئيس البشير ؛ و لربما كانت لكي مون معلومات مسبقة ، او ان جهة ما طلبت منه اعادة إثارة الموضوع فى هذا المحفل . و على اية حال فان صدور تهم جديدة من عدمه ، و لن يغير و لا من شأنه ان يغير لا من موقف السودان الرافض للتعاون مع المحكمة ،و لا من موقف الاتحاد الافريقي المؤآزر للسودان . و فى الخرطوم يعتبر الناخبون السودانيون ان البشير مرشح رئاسي يحظي بقبول قطاعات واسعة من السودانيين ، وسوف يسهم أى قرار يصدر عن الجنائية الدولية فى زيادة داعميه و مؤازريه ، و من ثم فوزه ربما بالتذكية فى الاستحقاق الانتخابي المرتقب رداً على العدالة الدولية العرجاء التى تتستر على جرائم الاسرائيليين و الامريكيين و البريطانيين و تطارد الافارقة بشأن نزاعات داخلية !