فى يوميّ التاسع والعاشر من يوليو الجاري إلتأم إجتماع لما يسمّي بالجبهة الثورية بالعاصمة اليوغندية كمبالا. الإجتماع من الاجتماعات النادرة التى ينجح الفرقاء المنضويين تحت لواء الثورية فى عقدها. كان فى مقدمة أجندة الاجتماع مناقشة ما بات يُعرف بوثيقة البديل الديمقراطي التى صاغتها الأحزاب السودانية المعارضة قبل أسابيع ومهرتها بتوقيعها. قادة ما يسمي بالثورية أطلعوا على الوثيقة وقرّروا بشأنها 5 ملاحظات، حيث إعتبروها أولاً دون طموح! وإنتقدوا ثانياً صياغتها بمعزل عن مكوِّنات الجبهة. وبشأن الاحزاب التى صاغت الوثيقة كانت الملاحظة الثالثة – التى لا تخلو من دلالة خطيرة – أنه ما ينبغي للأحزاب (القديمة) أن تكون بديلاً للنظام الحاكم! وأما الملاحظة الرابعة فقد رأى قادة ما يسمي بالثورية تنشيط آلياتهم وكوادرهم للسيطرة على المظاهرت فى الداخل والخارج –بحسب تعبيرهم– والملاحظة الأخيرة أن يكون قادة الجبهة هم مصدر المعلومات لوسائل الاعلام داخلياً وخارجياً! كان واضحاً ان قادة ما يسمي بالثورية يعدّون لخطة تهدف (لعزل) المكونات السياسية المعارضة بما يطلقون عليها (الأحزاب القديمة)! وكان واضحاً أن هدفهم العاجل هو إبعاد هذه الاحزاب المعارضة - رغم أن بعضها ينضوي تحت لوائهم - بعيداً جداً عن الأحداث والحيلولة دون بلوغهم لغنائم ونتائج ما يجري! و إنطلقت على إثر ذلك المداولات وطرح التقارير التى تركزت على الدعومات المالية المتحصَّلة وعلى وجه الخصوص الدعم المالي المُتحصّل عليه من فرنسا عقب الزيارة التى قام بها كلٌ من عقار وعرمان وعبد الواحد الى هناك. وكان اللافت ان عبد الواحد قال بالحرف إنه يريد (تمويلاً مالياً إضافياً) لم يحدده ولكن قال إنه بغرض توظيف أكثر من 70 مجموعة فى الداخل والخارج لتنشيط التظاهُرات فى الجامعات والمعاهد والمعسكرات. وطرح عبد الواحد تساؤلاً عن طبيعة الرقم الذى أعطته فرنسا للثورية، وقال إن الرئيس عقار لم يذكر هذا الرقم فى حين أن معلوماته هو -أى عبد الواحد- تشير الى أنّه فى حدود (3 مليون دولار)! عقار أضطر للرد على تساؤلات عبد الواحد التى يبدو أنها أثارت قلقه وإستياؤه أيضاً وقال إن المبلغ الممنوح لهم، للإحتاجات الانسانية فى جنوب كردفان! وأن هنالك (مبالغ) سوف تقدم لاحقاً – بعد إجراء دراسة لدعم الثورية! وفى هذه النقطة التى يبدو أنها أثارت حساسية مفاجئة وبدت نُذر الخلاف تطل على الأفق، تدخّل عرمان ليؤكد أن المبلغ المُستلم من فرنسا - دون الإشارة الى رقم محدد - تم إستلامه بإسم قطاع الشمال وليس بإسم ما يسمي بالثورية – ولكي يلجم لسان عبد الواحد، فقد حرص على الاشارة الى أن عبد الواحد قد إستلم من السفارة الاسرائيلية فى جوبا مبلغ 2 مليون دولار وفي إعتقاده -أىّ عرمان- أن هذا المبلغ كافى بالنسبة لعبد الواحد فى المرحلة الراهنة. لم يتلزم عبد الواحد الصمت وقال مصححاً لما قاله عرمان ان المبلغ ليس من السفارة الاسرئيلية وإنما من الاتحاد الأوربي وأوردَ تفصيلاً لأوجه صرفه لم يهتمّ بها كثيراً المجتمِعون، فالتجربة المشتركة علّمتهم أن الأمور لا يُكشف عنها بهذا القدر وجميعهم (يفهمون بعضهم)! كانت وقائع الإجتماع جميعها تترواح ما بين المال وكيفية إستدراره وما بين تقرير عسكري قدّمه الحلو لم يحتوِ على إنجازات ولو يسيرة لقواته على الأرض. أما أخطر ما خلص له الاجتماع فى شكل توصيات ولا شك أن وصفها بتوصيات يثير الريبة فى طبيعة الجهة التى تُرفع اليها التوصيات؛ المُهمّ ركّز القادة فى خلاصة لقاءهم على تدمير شبكات الاتصال فى درافور وجنوب كردفان والنيل الازرق ومنع نجاح الموسم الزراعي وقطع إمداد الجيش السوداني وحصار بعض المدن، ومنع العودة الطوعية للنازحين واللاجئين حتى لا يبدو وكأنّ الحكومة تسيطر على الاوضاع، واستخدام الشائعات والدعايات ضد الحكومة السودانية لإضعاف الروح المعنوية للقوات والمواطنين، والتركيز على شائعات الإبادة الجماعية بصفة خاصة لهزّ ثقة الحزب الوطني فى نفسه وهزّ ثقة منسوبيه فيه؛ ووقف المشاريع التنموية مهما كانت أهميتها، والتعاون مع كافة المنظمات وإعطائها معلومات تدين السودان، وتوسيع دائرة الإحتجاجات أمام السفارات فى الخارج. وكان واضحاً أن الاجتماع كان إجتماعاً تخريبيّاً بالكامل هدفه الاول والأخير إلحاق أبلغ الأضرار بالدولة السودانية بتدمير منشآتها وتخريب مشروعاتها التنموية وضرب إتصالاتها وتشويه سمعتها!