مع إقتراب الموعد الذى حدده مجلس الأمن فى قراره رقم 2046 بشأن مفاوضات القضايا الخلافية العالقة بين دولتيّ السودان وجنوب السودان، فإن التساؤلات بشأن ما يمكن أن يحدث لا تقتصر فقط على الوسيلة المُثلي التى يمكن من خلالها ان يقدِّم مجلس الأمن حلولاً للأزمة الناشبة بين الدولتين ويفرض ما يراه من حلول عليهما؛ ولكنها تمتد أكثر من ذلك لتصبح تساؤلات تتعلق بما إذا كان الموعد المضروب نفسه - وهو الثاني من أغسطس المقبل - موعداً (مقدساً) ومنعطفاً تاريخياً كبيراً يختلف ما قبله عما سيحدث بعده. الواقع إن الأمر بدا محل خلاف غالب المراقبين والمحللين السياسيين، ليس لغموض القرار ولا لقلة السوابق الماثلة؛ ولكن لأنّ الأمر هنا لا يتعلّق بأمر يجري داخل دولة واحدة بشأن قضية محددة وواحدة، الأمر هنا يتعلق بدولتين -كلٌ على حدا- جمعت بينهما مشتركات فى قضايا معينة، وهنا تتجلّي صعوبة التعامل معهما من جهة، وصعوبة إتخاذ إجراء فى حالة إخفاقهما فى الحل من جهة أخري. وتعتقد الحكومة السودانية –وفق مصادر دبلوماسية مطلعة فى نيويورك– إن مجلس الأمن وإن قصد تحديد قيد زمني لعملية التفاوض بين جوباوالخرطوم وحدّدها بثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار إلاّ أنه لم يقصد تأطير العملية بإطار زمني بهذا القدر من الضيق والدقة. كل ما هناك ان مجلس الأمن حرص على تغليف قراره بمغلّف فاخر وقوي من الجدية، إذ أن الخبراء السياسيين يعتقدون ان الجداول الزمنية فى الغالب تدفع الأطراف لإنجاز العمل الموكل اليهما لأنهم على الأقل يودون أن يقدموا إنجازات. مجلس الأمن أيضاً بحسب ذات المصادر الدبلوماسية فى نيويورك حين أورد مدة الثلاث أشهر أوردها وفى باله أن الطرفين - فى غضون هذه الفترة - إما أنهما توصلا إلى حلول نهائية أو على الاقل شرعا فى التفاهم ووضع الرؤي الأساسية الكفيلة بحلحلة المشكلة. وفى الغالب فإن تصور المجلس إنصرف الى فرضية إمكانية وضع بدايات مشجعة للحوار والتفاوض يمكن على أساسها استمرار العملية التفاوضية مستقبلاً بوتيرة أفضل وأقرب الى الحل النهائي الشامل. ويؤكد أستاذ القانون الدولي السوداني الجنسية فى جامعة كلورادو الأمريكية (محمد حسين صادق) إن مجلس الأمن من الأساس ما كان ينتظر حلاّ نهائياً فى القريب العاجل ولكنه كان يأمل فى أن يتحلّي الطرفان بالجدية اللازمة بحيث يتأسس قدر من التفاهم المشترك فيما بينهما. ويشير البروف صادق الى ان مجلس الامن كان يري أيضاً كهدف تكتيكي غير معلن أن يتم طيّ ملف النفط على الاقل فى فترة الاشهُر الثلاث هذه لكي يتجنّب إحتمال إنهيار إقتصادهما والإفرازت الخطيرة التى قد تنجم عن ذلك. ويقول المحلِّل السياسي السوداني المعروف والذى يعمل مساعد تدريس بجامعة ميتشجن (أربو عمر) إن مجلس الأمن كان يقصد بالضبط حالة التوجس هذه التى تنتاب الطرفين جراء اقتراب الموعد فى ظل عدم توصلهما حتى الآن لإتفاق ذي بال فى القضايا المطروحة. المجلس بحسب (أربو) لن يفرض حلولاً من عنده كما لن يلجأ للضغط عن طريق فرض عقوبات وقرارات، فهو فى حاجة الى وقت أطول لمعالجة الملف ومعرفة الطرف الذى يجب ان يعاقب، فالأمر ليس بتلك البساطة التى ننظر بها الى إنحياز المجلس لهذا الطرف أو ذاك؛ الأمر أعقد من ذلك بكثير وهناك جملة عوامل وحسابات تدخل فى تشكيل هذه المعادلة. وعلى أية حال فإن موعد الثاني من أغسطس بحسب الحكومة السودانية لا يثير قلق الخرطوم فهي تعرف أن الطرف الجنوبي ماطل وعرقل عملية التفاوض وأن الطرف الذى أوكلت له عملية مراقبة التفاوض وكتابة التقارير الدورية عنها علي علم وإدراك تامين بهذه الحقيقة.