أياً كانت الطريقة التى سوف ينتهي بها التفاوض بين الخرطوم وجوبا بحلول الثاني من أغسطس المقبل وهو الموعد المحدد كجدول زمني فى قرار مجلس الأمن 2046 فإن من الصعب ان نتصور طيّ الملفات ووضعها وإنتظار ما قد يقرِّره مجلس الأمن بقرار منه. فعملية التفاوض وبالنظر الى الموضوعات الشائكة التى تحويها أعقد وأصعب من أن يطوي مجلس الأمن ملفاتها ويتولي هو وحده حلحلة ما إستعصي فيها. من المؤكد أن المجلس سوف يقرر تمديد المهلة ؛ ولكي نفهم طبيعة المهلة التى كانت قد حُدِدت بثلاثة أشهر تنتهي فى الثاني من اغسطس فإن من المهم أن نفهم لماذا وضع القرار جدولاً زمنياً على هذا النحو وألزم به الأطراف؟ الراجح أن مجلس الامن فعل ذلك سعياً منه لحث الطرفين لحلحلة قضاياهما بقدر من الجدية والاهتمام إذ من الضروري ملاحظة ان القرار 2046 قد إستصحب معه الأشهر الطوال التى قضاها طرفيّ التفاوض فى جولات متصلة ومتقطعة لم تسفر جميعها عن شيء، وربما كان أهمّ ما رمي إليه المجلس هو أن يولي إهتماماً خاصاً بقضية النفط بعدما شكل هذا القرار الجنوبي العقدة الرئيسة للأزمة لأنه هدد اقتصاد الدولتين وعرَّض اقتصاد الدولة الجنوبية الناشئة على وجه الخصوص الى أسوأ مصير ينتظره يثير قلق المجتمع الدولي ومخاوفه. ويمكن القول فى هذا الصدد ان الأمر ربما كان يختلف كثيراً لو أن قضية النفط لم تدخل فى القضايا الخلافية العالقة، إذ ربما كان حينها من السهل دفع الطرفين وفق تدرُّج، وتشجيع متأنِّي لحلحلة قضاياهم لأنها وإن كانت قضايا عالقة ومعقدة إلا أنها ما كانت ممسكة بخناق الدولتين. وعلى ذلك فإن مقصد مجلس الأمن فى قراره المشار اليه رمي أول ما رمي الى دفع الطرفين لإيجاد حل لقضية النفط وفق قيد زمني من المرجح أنه لن تكون له أهميته القصوي إذا ما تم بالفعل التوصّل الى حل مرضي للطرفين ومعاودة ضخ النفط من جديد! إذن لن يقدِم مجلس الأمن وفق الشواهد الماثلة حالياً على فعل شيء من جانبه أكثر من تمديد فترة التفاوض سواء بطلب من الطرفين، وهو ما ثبت أنه تم الشروع فيه؛ أو بطلب من الوساطة المشتركة، أو حتى من الأمين العام للأمم المتحدة الذى يتعيّن عليه رفع تقرير نهائي من المحتمل ان يتضمن توصيات بهذه المثابة. ولو أننا بحثنا عن خيار آخر غير التمديد فإن أقرب خيار هو تدخل المجلس بقرار منه فى وضع حلول للطرفين، وكما قال دبلوماسي غربي تحدث ل(سودان سفاري) بالهاتف من نيويورك -الإثنين الماضي- فإن أقرب سيناريو يمكن تصوره هو أن يدفع المجلس بمقترحات من جانبه للطرفين يضعها كموجهات عامة لعملية التفاوض، وهذه بدورها تستلزم وضع إطار زمني إضافي آخر يكفل مساحة جديدة يتحرك فى إطارها الطرفان بغية التوصل الى حلول. ومعني ذلك أنه وحتى فى هذه الحالة فإن من المحتم أن يضع المجلس إطاراً زمنياً جديداً وصلاً لعملية التفاوض السابقة. ولا يستبعد الدبلوماسي الغربي أن يحدث إختراق فى البرهة الزمنية المتبقية فأيِّ مفاوضات –حسب رؤيته– لا تخلو من مفاجآت وإحدث إختراق فى اللحظة الأخيرة. وعلى كلٍ، فإن مجلس الامن فيما يبدو لن يجد مسوغات جديدة تدفعه لتبني الحل النهائي بقرار منه ؛ هو فى خاتمة المطاف سيضطر للرضوخ للواقع ويعمل على تمديد المهلة الزمنية لثلاثة أشهر أخري كأرجح الخيارات المتوقعة.