لا خير مطلقاً أن يسعى كل حزب – بما توفر لديه من إمكانات – لإسقاط الحزب الآخر، ولا خير كذلك من استخدام كافة الوسائل المشروعة المتاحة في اللعبة الديمقراطية للنيل من مرشحي هذا الحزب أو ذاك إذ أن الهدف المفترض عادة في مثل هذه المواقف هو نيل ثقة الناخبين باظهار مرشحي كل حزب لأفضل ما لديهم، وفضح (اسوأ) ما لدى الطرف المنافس. غير أن الامر سوف يتجاوز نطاقه المشروع اذا شارك (مال أجنبي) أو (دعم معنوي أو سياسي أجنبي)، أو اتكأ هذا الحزب أو ذاك على (حسابات أجنبية خارجية)، فالثياب الوطنية السودانية ينبغي أن تكون بيضاء ناصعة بلا شوائب ولا عوالق وقد تبين مؤخراً أن لعبة الاتصال بالسفارات الاجنبية، والشيكات، والحقائب المكتظة بالأوراق الخضراء وجدت طريقها الى الساحة السياسية الانتخابية. وقد اشارت عدد من التقارير الاخبارية المنشورة على الصحف والمواقع الاسفيرية لوجود (لقاءات) ثنائية وتجرى بعيداً عن الاعلام بين قوى سياسية معارضة، وممثلين لدول أجنبية كبرى. وحتى ولو قال قائل أن هذه اللقاءات بريئة فإن احداً لا يمكنه أن يتصور لقاءات كهذه في وقت كهذا (خالية من أي شئ) فمن المؤكد أن هنالك (صفقات) وخطط، وبرامج، بل حتى ولو كانت هذه اللقاءات لمجرد (التفاكر) حول مآلات الأمور في المستقبل فهي ليست بريئة بحال من الأحوال لأن الشأن الوطني حتى الآن هو أمر يخص الناخب السوداني وحده ولا يرتبط بالقوى الخارجية الا حين تصبح هذه القوى السياسية هي القوى الحاكمة ولهذا فإن الأحزاب التي طالها الاتهام المشين وآثرت الصمت والسكوت مسؤولة عن هذا التردي المريع في ذمتها الوطنية ولئن غفر الناخب السوداني لها اتصالاتها السابقة بهذه القوى الخارجية حين كانت تعارض معارضة مسلحة ووصل ببعضها الامر درجة (اعطاء معلومات استخبارية) خاطئة تسببت في قصف مصنع الشفاء السوداني لصناعة الأدوية بمدينة الخرطوم بحري في أغسطس 1998م، ولئن تجاوز السودانيون – بطبيعة قلوبهم وتسامحهم المعروف – كل الجرائم البشعة التي ارتكبها قادة هذه القوى السياسية حين أصبحوا (أياد) لقوى أجنبية يشاركونها (أمن الوطن) غير عابئين بآثار هذا التشارك الوخيمة على أمن وسلامة هذا الوطن فإن أحداً غير مستعد الآن لقبول (تسوّل) هذه القوى المعارضة واستجدائها المذل للقوى الأجنبية بحثاً عن المال، ففي هذا الامر ليس هنالك أدنى عذر لأن هذه الانتخابات لم تعلن على نحو مفاجئ وانما هي معلنة من قبل خمسة أعوام منذ الع2005ام وكان بامكان أي حزب (يحترم نفسه ووطنيته) أن يجهز نفسه ويعدها الاعداد الجيد لهذه الانتخابات ومن المؤكد أن كل من تسلم مالاً أجنبياً أو في طريقه لاستلام مال أجنبي يخوض به الانتخابات العامة قد (سقط) مبكراً ومنذ هذه اللحظة والناخب السودني – لمن لا يعلم – أذكى من أن ينخدع في أحد كائناً من كان!!