مرشح الحزب الاتحادي الذي يتم تمييزه بعبارة (الأصل)، بعد أن تمزق وتحول إلى عشرات الأحزاب، قال في ذروة غضبه مضرية ألّمت به جراء الفشل الكبير الذي حصده هو وحزبه في الانتخابات السودانية (إن حزبه لم يستطع تحقيق حتى النتيجة التي حققها الحزب الشيوعي السوداني في انتخابات الع1986ام)!! وقد كان المرشح الرئاسي حاتم السر يقصد أن (من غير المعقول) بالنسبة له أن يتقاصر حزبه ويصل الى هذا الدرك السحيق الى حد عدم تحقيقه نتيجة تضاهي نتيجة اسوأ الأحزاب السودانية حظاً في النتائج الانتخابية وهو الحزب الشيوعي!! ونحن هنا وبعيداً عن النيران الصديقة التي وجهها السر الى حلفائه في تجمع جوبا والذي يشارك فيه الحزب الشيوعي، بسخريته من النتيجة التي كانت أقل من نتيجة هذا الحزب، وبعيداً عن استغراب السر مع انه يعلم حقيقة تشرذم حزبه، وتضعضع أوصاله، وضعفه البين، نتساءل بدورنا عن السبب الذي يجعل السر يستغرب لضآلة النتيجة الانتخابية التي أحرزها حزبه دون أن يكون (مخلصاً وأميناً مع نفسه) في الاقرار بأمور شتى لم تغب عن فطنة الناخب السوداني العادي، اذ أنه وبعيداً جداً عن ادعاءات التزوير، وعن الاساليب الفاسدة التي قيل انها مورست فأفرزت هذه النتيجة، فإن حزب السيد السر أولاً : تمزّق لعشرات الأقسام والأشتات في الوقت الذي كان بإمكان قيادة الحزب – لو كانت حقاً تستحق الاحترام وتستحق صوت الناخب السوداني – أن تعمل خلال ال(5) اعوام الماضية وهي مدة كافية وزيادة على توحيد الحزب وتقويته وحل كافة مشاكله فلماذا عجزت قيادة الحزب كل هذا العجز في توحيد ما تسميه حزب الحركة الوطنية الذي أتى بالاستقلال؟! واذا كانت قيادة حزب يعتبر نفسه عريقاً وصاحب المرتبة (الثانية) في آخر انتخابات في الع1986ام فشلت في توحيد حزب، وفشلت في حل مشاكلها التنظيمية الداخلية، فإن السؤال الذي يثور على الفور، وأي معتوه هذا سوف يمنح ثقته لحزب بهذا العجز المبين؟ ثانياً: لماذا لم يسأل السيد السر نفسه – بوضوح وصراحة – عن سر انسحابه، ثم عودته في وقت قاتل وحرج، بلبل معه كل مؤيديه وأدخلهم في ورطة وغموض لم يكونوا ينتظرونه؟ لماذا لا يحاسب السر وبقية رفقائه في الحزب انفسهم قبل أن يحاسبوا على هذا الموقف المتذبذب، ولماذا لا يعتبرون أن جزءاً منه، تسبب في هذه الخسارة الفادحة؟! ثالثاً : على فرض أن الحزب موحد وقوي، ومعاقله التاريخية بخير، ومؤيديه بخير وانهم وحتى بعد تذبذب الحزب في خوض الانتخابات لم يتأثروا بما جرى على ماذا استند السر في حتمية فوزه للدرجة التي جعلته يطالب البشير باخلاء القصر وافساح المجال لسيادته؟ هل استند فقط للحشود التي استقبلت زعيم الحزب في كسلا؟ وبعض ارجاء الشمالية؟ هل هذه هي المناطق التي يتعين عليها أن تحسم النتيجة؟ ولماذا تضع جماهير أغلبها (خاصة جيل الشباب ما بين ال20 و25) ثقتها في حزب لم تعرف عنه اي انجاز تنموي ولا رأت زعيمه يعيش في السودان ويعارض، وينظم حزبه، ويحل مشاكله؟ ان الامر دون شك يخلو من (الامانة السياسية مع النفس) وهذه احدى اكبر مهلكات الممارسة الديمقراطية في السودان!!