روب كريلي صحافي بريطاني و أحد أنشط مراسلي صحيفة التايمز اللندنية وألصقهم بقضايا القارة الافريقية و شئونها خلال العشر سنوات الماضية ، اصدر فى العاصمة البريطانية خلال الايام الفائتة كتاباً مثيراً للغاية ، وجد رواجاً كبيراً فى الاوساط السياسية و الاعلامية و المنظمات المهتمة بدارفور و سري كالنار في الهشيم لمحتواه الخطير و المثير . المكتاب بعنوان (انقاذ دارفور، الحرب الافريقية المفضلة للجميع ) و مؤلفه وصل فى البداية لنيروبي فى عام 2004 لتغطية الصراعات فى الصومال و الكنغو و نهاية الحرب فى جنوب السودان ،و يقول فى كقدمة طويلة أعدها : "اصبح من الواضح جداً ان صراعاً جديد يريد مني رؤسائي ان أتابعه عن كثب ، و اكتب عنه و ما أن وصلت الى منطقة شرق افريفيا حتى بدأت أتلقي اتصالات تطلب مني الذهاب لدرافور فهناك شئ مختلف يتعلق بدرافور ، شئ مثير و الناس مهتمة به". و يقول فى كشفه لما حدث داخل المنظومة السياسية و الاعلامية الغربية: ( تم تصوير الصراع و كأنه حكومة شريرة عازمة على تدمير المتمردين ومؤيديهم و اطلقت مليشيا مرعبة – الجنجويد – فى حملة ابادة للقرويين الذين يدعمون المتمردين ،و هكذا بدا الأمر بسيطاً أى حرباً يسهل فهمها ، أشرار ضد طيبين) و يضيف روب كريلي (قارن ذلك بالصومال حيث عدد لا يحصي من أمراء الحرب و المليشيات الاسلامية يحاربون بعضهم او جمهورية الكنغو التى تموج من عشر سنوات ومن يقول انه يفهم تلك الصراعات ليس الا مزايد ، الصراع فى دارفور ليس بسيطاً اطلاقاً فهو مأساوي و معقد و ليس ابادة جماعية. ثم يحكي بعدها فى كتابه كثيرة عن دارفور طبيعتها الجغرافية و تركيبتها السكانية و القبائل و الفصائل المتصارعة و الاقتصاد النشط فى مدن دارفور ، ,أنه يمكن شراء جهازهاتف جوال فى سوق الفاشر و الاموال الكثيرة التى ضختها الاممالمتحدة و المنظمات و يرصد التفاصيل الدقيقة التى تري بالعين المجردة احياناً حقائق الذى يجري فى ولايات الاقليم ، و يصل لما فحواه ( لم تعد الحرب تقليدية بالمعني الذى نفهمه أن هنالك طرفاً ضد آخر ، بل عصابات و انشقاقات). و اهم ما يكشف الكتاب اسهامات المنظمات غير الحكومية و بعض النجوم فى السينما لعالمية من أمثال ميا فارو و الممثل البريطاني كولوني فى تطويل الصراع و نفخ نيرانه و تأجيج الإحتراب الذى مدد الحريق فى دارفور ،و اتهم حركة ( انقذوا دارفور ) التى تتشكل من عشرات المنظمات اليهودية فى امريكا و اوروبا الغربية باستخدام نجوم السينما و اتخاذ مواقف منحازة جداً فى القضية بدلاً ن حل الازمة فى الاقليم الذى تمزقه الحرب. و دلل على ذلك بدعوة جورج كولوني مجلس الامن عام 2996 للتدخل المباشر بقوات فى دارفور لحفظ آلاف الارواح . و هنا يقف كاتب الكتاب متهماً كل هذه الاطراف : ( لم يكن أحد يسمع سوي هذا الكلام البسيط المباشر الذى يطالبنا بالتدخل فى الصراع ) . و يحدد روب كريلي هذا الامر أكثر بقوله ان الامر فى الحملة ضد السودان بسبب دارفور لم تكن الدعاية الناجمة من انخراط النجوم هى المشكلة بل الاهداف الخفية للحملة ،و يقصد هنا ان تجمهع منظمات دارفور ، فى الوقت الذى كانت توجد فيه المنظمات اخري تتحدث ان اشكال اخري لحل الازمة لكنها اخرست بسبب علاقاتها المعقدة مع الخرطوم ، كما ان بعض عمال الاغاثة الميدانيين و الدبلوماسين لا يتفقون مع الخط الذى تنتهجه حركة تجمع منظمات (انقذوا دارفور) . و يحذر الصحافي روب من خطورة الدور الذى تلعبه هذه المنظمات و نجوم السينما و الغناء فى العالم فى الازمات الدولية و الكوارث ويقول : (ما اخشاه هو عندما ينخرطون فى طرح حلول و ينحازون الى جانب واحد و سبيل واحد للتصرف اعتقد ان هذا درساً للمستقبل بالنسبة للحملات و التحالفات و قد بدأنا نشهد تحالفاً من أجل هاييتي و اعتقد انه من الرائع أن نري الناس تقيم حفالات موسيقية لزيادة الوعي و جمع التبرعات لكني اعتقد انه لا يجب ان يتورطوا كثيراً في تحديد السياسيات لأن ذلك يدخلهم فى مشاكل فقد تشجع بعض قادة التمرد بدعم هذا التحالف و ما زالوا يعتقدون ان حركة انقاذ دارفور يمكن ان تحقق لهم منافع اكثر) . تبرز اهمية مثل هذه الكتب التى تكشف نسيج المؤامرات الغربية و دأبها على صناعة صورة محددة لما يدور فى دارفور ،فى انها تقدم معلومات و تحليلات موثقة و متماهية مع الحقائق المجردة و لا يمكن انكارها ، ويأتي ذلك كله فى سياق جديد تبدو فيه قضية دارفور فى نهايات اشواطها بعد أن ملّها المجتمع الغربي والراي العام العالمي ،و بعد ان جنت المنظمات غير الحكومية و تحالف انقذوا دافور مليارات الدولارات و هى ثمن المتاجرة بالقضية ولم يحصل معارضوا الفنادق و الارصفة و الفضائيات من ابناء دارفور فى اروبا و امريكا سوي الحصرم و الفتات القليل الذى لا يقيم الأود . غداً نكتب من هنا من لندن عن نموذج لهذه المنظمات و هى المنظمة اليهودية الصهوينية المتطرفة ، و هى المنظمة الاولي فى اروبا التى ترعي حركة عبد الواحد محمد نور و خفايا علاقتها بما يحدث فى دارفور وملف المحكمة الجنائية الدولية. نقلا عن الانتباهة 21/2/2010