(ليس لدى الحكومة ما تخشاه) عبارة دفع بها المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية أثناء إجابته على تساؤلات الصحفيين حول موقف الحكومة تجاه زيارة وفد تحالف أنقذوا دارفور لدارفور هذا الأسبوع، لكن ترى ما الذي يجعل تحالف لم يستطع مداراة أنياب الثعلب وهو يروج حملة بوجود إبادة جماعية بدارفور الوصول لدارفور الآن وفي هذا التوقيت بالذات في حين لم تغلق الحكومة الباب في وجهه وسمحت له باطمئنان التجول في إقليم دارفور رغم علمها بأجندته السياسية والصهيونية ومتاجرته بقضية دارفور .! والمعروف أن (تحالف أنقذوا دارفور) الذي تأسس في عام 2005 بميزانية بلغت (9) ملايين دولار يضم ( 180 ) مجموعة إسلامية أمريكية حقوقية ومسيحية ويهودية يعد أبرز تجمع للمنظمات الدولية عمل على الترويج لادعاء وجود إبادة جماعية في دارفور وفقا لأجندته السياسية ويعمل تحت ستار الإغاثة، وظل يسعى على مدى سنوات حاثا الحكومة الأمريكية التدخل العسكري في السودان مدعيا وجود إبادة جماعية بدارفور !؟وعمل تصعيد قضية دارفور ومع ذلك يقدم إغاثة شحيحة لمواطنيها (كذر الرماد في العيون) ! ولا يقدم للنازحين من نيران الحركات المتمردة إلا القليل وسخر كل جهوده ليجعل من مشكلة دارفور اعقد أزمة على الإطلاق وحشد لها آلة إعلامية دولية وسعت منظمة أنقذوا دارفور على مدى سنوات توظيف بعض نجوم هوليود أمثال جورج كولوني وميا فارو لدعم منظمة "أنقذوا دارفور حيث قاما بزيارة إلى دارفور عدة مرات ومعسكر للاجئين على الحدود مع تشاد التي ساهمت في ذيوع صيت منظمة أنقذوا دارفور بالولايات المتحدة ويصف المراقبون منظمة التحالف التعامل مع الصراع في دارفور بتحيز كما أن لديه أحكام مسبقة تجاه المسلمين والعرب ولا يساهم في حل الصراع ولنتابع معا تصريح الأستاذ الجامعي بجامعة كولومبيا بنيويورك محمود ممداني وهو من ابرز منتقدي منظمة (أنقذوا دارفور) وكبار المفكرين الأفارقة بالولايات المتحدة لمجلة نيويورك تايمز (إنني ضد أولئك الذين يبدلون الحقائق بالطمأنة المعنوية ويتصرفون تصرفا حميدا على الرغم من أنهم لا يدرون شيئا) ، ويشن في كتابه الجديد المنقذون والناجون (دارفور والسياسة والحرب على الإرهاب) هجوما آخر على تحالف (أنقذوا دارفور) بقوله (إن تطبيق نموذج الحرب في جنوب السودان بكل بساطة على الموقف في دارفور ففي الحرب الأهلية الطويلة الأمد في جنوب أكبر دولة إفريقية مساحة تكمن خطوط الصراع بين الحكومة العربية الإسلامية في الشمال وحكومة مسيحية وثنية ذات طابع إفريقي زنجي في الجنوب لكن في دارفور لا يمكن تطبيق النموذج كما يشير ممداني لأن بها أفارقة (وآفرو عرب) في ذات الوقت كما أن جميع سكانها مسلمون ولا وجود للجانب الديني كأحد أسباب للصراع مثلا، وحريا أن أسباب الصراع في دارفور بدأت في المرعى إذن حتى أصوات المحللين السياسيين والخبراء والمراقبين والنشطاء الغربيين تتهم موقف تحالف أنقذوا دارفور (المتطرف) وأجندته السياسية في الوقت الذي بدت خلاله وزارة الخارجية أكثر حكمة وتعقلا وهي تفسح المجال وتفتح الباب واسعا لذاك التحالف للدخول والتجول في إقليم دارفور كما يشاء بل قللت أمس من جدوى تحالف أنقذوا دارفور وزيارته التي يقوم بها بقيادة رئيس التحالف جيري فاولر للإقليم وبحسب المتحدث الرسمي للخارجية معاوية عثمان خالد فإن الحكومة سمحت للوفد بالزيارة في إطار الزيارات التي تسمح بها للمنظمات الأجنبية بالرغم من تلفيقه الأكاذيب والادعاءات طيلة الخمس سنوات الماضية دون أن يقف على الأوضاع على الأرض أو يكون له أي علم أو دراية بالأوضاع أو مجرد الفهم لطبيعة الأحداث في المنطقة ويشير إلى أن المنظمة ظلت تستخدم شعار أنقذوا دارفور رغم أنه بعيد عن نشاطها ويؤكد أن الحكومة ليس لديها ما تخشاه وأن المتاجرة بقضية دارفور أصبحت خاسرة ويشير إلى أن الحديث عن الحرب في الإقليم انتهى وأصبح الحديث عن التنمية والاستقرار ولذلك فإن أكاذيب التحالف لم تعد ذات جدوى (معربا عن أمله في أن تكون الزيارة فرصة للتحالف للعودة إلى صوت العقل ورؤية الأوضاع على حقيقتها دون تزييف) ويؤكد المحلل السياسي د. يوسف السيد ل(الرائد) أن تحالف أنقذوا دارفور مدعوم من اللوبي الصهيوني وهو الذي شبه الصراع في دارفور بمحرقة اليهود في هولوكست ويمضي في القول إن توقيت زيارة وفد التحالف واضحة حيث أنه يسعى لتمرير أجندته وتحريض مواطني دارفور لعدم التصويت لصالح المؤتمر الوطني في الانتخابات المقبلة ويؤكد أنه كان يتعين على الحكومة منعه من الدخول إلا أن الأستاذ بجامعة النيلين د. صلاح الدومة برر زيارة الوفد ويقول على ذات سياق التساؤل فإن هنالك اجتماعا لجامعة الدول العربية عقد في دارفور مؤخرا لماذا ! ويقول في معرض حديثه ل(الرائد)إن دارفور منطقة منكوبة ولابد من زيارته لها لدعمها إلا أنه استدرك قائلا إذا كانت له أجندة ومصلحة فنحن في دارفور من فتحنا له هذا الباب! غير أن فاولر وهوالمدير المؤسس للجنة النصب التذكاري لمتحف الهولكوست الذي سبق أعلن استقالته عن رئاسة منظمة (تحالف أنقذوا دارفور )ليصبح مستشارا للمنظمة يعلم تماما أن منظمته تخضع لسيطرة منظمات يهودية أميركية ومسيحية المقبلة ويبدو واضحا أن زيارة وفده اليوم إلى إقليم دارفور تتزامن مع موعد حلول الانتخابات في ابريل المقبل عن عمد فهل نسي هو ووفده أو تناسى تسجيل زيارة أولا بعقر داره لضحايا هاييتي مثلا المنكوبون على الدوام خاصة بعد أن أشارت أخبار صحفية لنداء أطلقته (بارونة أمريكية) بضرورة حماية ضحايا هاييتي بعد أن تواطأ جنود إسرائيليين على سرقة أعضائهم البشرية فهل يتسنى لتحالف أنقذوا دارفور الاتجاه غربا خارج إفريقيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه هنالك حيث تعج الفوضى بإطنابها في كل مكان ويغض الطرف عن ضحايا حقوق الإنسان بجرأة أم كان يجب تطبيق ما أشار إليه البعض بمنع تلك المنظمة من الدخول !!؟ نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 23/2/2010م