تقارير دبلوماسية واستخبارية تنشر أكاذيب هذه الأيام نسجتها خيالات بعض متمردي دارفور، تزعم أن متمردي مالي من جماعة أنصار الدين تسربوا وتسللوا لولايات دارفور واتخذوها ملاذاً لهم، وتنشط بعض السفارات الغربية في الخرطوم لجمع معلومات عن هذا التسلل المختلق، مثلما تسعى جهات عديدة لخلق بلبلة وإثارة غبار كثيف عن وجود متسللين من هذه الجماعات، مما اضطر الناطق باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد لنفي هذه الشائعات المكشوفة الهدف والمطمح والمرام. ومن الخطل والخبال تصور أن جماعات من أنصار الدين في مالي وخاصة شمالها يمكن أن تقطع المسافات الطوال عبر إفريقيا جنوب الصحراء في منطقة مكشوفة تنشط فيها كل وكالات المخابرات وأجهزتها في الدنيا خاصة الغربية منها، وترصدها الأقمار الاصطناعية وتراقبها طائرات الناتو التي ما انقطعت منذ مشاركتها في الحرب ضد نظام القذافي في ليبيا وما حدث للرهائن الذين اختطفهم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي جنوبيالجزائر، فقد وضعت كل هذه المنطقة الممتدة من حدود موريتانيا عبوراً بمالي نفسها ثم النيجر تحت الرقابة الفضائية والجوية الصارمة. فكيف تستطيع مجموعات مسلحة صغيرة كانت أم كبيرة من قوات وأفراد حركة أنصار الدين المغضوب عليها إقليمياً ودولياً، عبور أكثر من سبعة آلاف كيلومتر تقريباً، وتجاوز دول تقاتل إلى جانب الفرنسيين في مالي وتتعاون معهم مثل تشاد والنيجر والجزائر لتصل في النهاية إلى دارفور؟! ثم إن هذه المجموعات ليس لها ملاذ آمن في أي مكان في دارفور أو عموم السودان، لعدم وجود أدنى صلة أو رابط يجمعها مع أية جهة سودانية، سواء أكانت رسمية أو غير ذلك، وحسب المتاح من معلومات فإن العلاقات العسكرية والأمنية والاستخبارية والتنسيق القائم بين الخرطوم وإنجمينا ووجود قوات مشتركة لمراقبة الحدود، ووجود تفاهمات ذات طبيعة استخبارية مع فرنسا التي تقف وراء كل الحكومات الإفريقية الفرانكفونية في إفريقيا جنوب الصحراء وبعض دول شمالها، كلها تجعل من العسير للغاية أن يتسلل أي فرد ولو كان في حجم الإبرة، دعك من مجموعات مسلحة تتحرك عبر حدود أكثر من دولة، وتخترق نظام مراقبة الحدود السودانية التشادية أو العبور بالقرب من حدود ليبيا الجنوبية مع تشاد التي ترصدها وتحكم تتبع تفاصيلها السلطات الليبية بالتعاون مع جهات أوربية بالأقمار الاصطناعية.. مثل هذه الشائعات التي تروج لها هدف آخر كما قال الخبير الإستراتيجي الروسي «سيرجي يوروفيتش» الذي زار السودان أخيراً، فغرضها توريط السودان وجرُّ حرب على أراضيه بحجة مطاردة جماعة إرهابية أو اتهامه بإيواء هذه المجموعات وتطبيق ما حدث في مالي كما قال الخبير الروسي فيه، وهو أمر مستبعد ومسوغاته سخيفة بائسة، لأن الجهات التي يُراد تحريضها وجرها للتدخل العسكري في دارفور تعلم قبل غيرها أن ما يُقال محض تخاريف وأكاذيب لا قيمة لها ولا مصداقية على الإطلاق. ولا تستطيع أية جهة تروج مثل هذه التخرصات أن تحدد مكان وجود هذه المجموعات المتسللة أو الجهة التي عبرت منها، والأكثر إثارة للضحك والسخرية القول أنها تسللت عبر دولة جنوب السودان أو من إفريقيا الوسطى.. فأين هذه من تلك!! ولحركات دارفور المتمردة هدف آخر غير تأليب وتحريض الدول الغربية ضد السودان، فهي تريد تسخين الجبهات القتالية في ولايات دارفور والبدء في عمليات تستهدف المدنيين والطرق وفرق الإغاثة والعاملين في بعض المنظمات وبعثة اليوناميد وتهديد الآمنين، ليقال أن هذه المجموعات التي تعتدي قادمة من مالي مما يتوجب على القوى الدولية مطاردتها وتعقبها.. وتلك موجة جديدة قد تحدث يجب التحسب لها . نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 14/2/2013م