الموقف الواضح الذي انتهجته إسرائيل في علاقتها مع دولة الجنوب، يؤكد تماماً نوايا إسرائيل تجاه أي استقرار في السودان حتى وإن كان الاستقرار للبلدين. فاللقاءات التي تمت مع وزير الدفاع الإسرائيلي والقيادات الأمنية بدولة الجنوب كشفت عن عدم الرضا عن التقدم الذي وصل إليه البلدان، فبعد أن واصل البلدان في تنفيذ عدد من الاتفاقيات التي إذا حسنت نوايا الطرفين فإنها ربما ستغير طبيعة العلاقات بين البلدين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل جوبا مستعدة للتضحية بعلاقتها مع إسرائيل لصالح علاقتها مع الخرطوم. الخبير الأمني حسن بيومي جزم خلال حديثه ل «الإنتباهة» بأن الجنوبيين غير مستعدين للتضحية بعلاقتهم مع إسرائيل لأجل علاقتهم بالسودان، وذلك لطبيعة وعمق العلاقة بين البلدين. فإسرائيل منذ حركة التمرد الأولى تلعب دوراً مهماً في جنوب السودان عن طريق المتمردين الذين تدربوا وتلقوا دعمهم من إسرائيل، فالسودان أصبح دولة مواجهة مع إسرائيل. ويضيف بيومي أن كل القيادات الموجودة الآن في دولة الجنوب تلقت تدريباً في إسرائيل ابتداء من سلفا كير. وأن إعطاءهم حق تقرير المصير لم يكن مدروساً وذلك لعدم معرفة طبيعة علاقاتهم مع إسرائيل التي موقفها مع السودان واضح، وهو موقف عدائي لم يتغير، لذلك أصبحت دولة مواجهة وأية تحركات وعداءات مع دولة الجنوب سيجعل إسرائيل تتدخل، لأن مصلحة إسرائيل واضحة من خلال تصريحات وزير الداخلية ومدير الاستخبارات الإسرائيلي، بأنهم يريدون تفكيك وتقسيم السودان، فأية مواجهة مع دولة جنوب السودان سيتبعه تدخل واضح من قبل إسرائيل. وانتقد بيومي موقف السودان تجاه إسرائيل وأنها ظلت مؤجلة على الدوام علاقة إسرائيل بالجنوب، لم تنفها قيادات، وصرحت مراراً عن طبيعة العلاقة بين البلدين وعن مدى عمق ومتانة العلاقة وعلى مستوى إسرائيل فقد أكدت إفادات لقيادات سابقة في الجيش والاستخبارات أن تغلغل إسرائيل في جنوب السودان هو ما قاله خبير الشؤون الإفريقية الصهيوني متساريا موننا، بأن العلاقات بين «إسرائيل» وجنوب السودان ليست جديدة، وتاريخها الحقيقي يعود إلى عام 1967م، عندما عرض الجنرال جوزيف لاقو لونجا مؤسس حركة جنوب السودان على «إسرائيل» في ذاك الوقت استعداده لتقديم المساعدة لتل أبيب للحيلولة دون اشتراك الجيش السوداني مع الجيش المصري في محاربتها. وعلى الفور وجهت رئيسة الوزراء الصهيونية جولدا مائير الدعوة له لزيارة تل أبيب، وقامت بتكليف جيش الاحتلال بتدريب أتباعه، وزودتهم بالأسلحة التي يحتاجونها، وتم تنسيق عملية المساعدات «الإسرائيلية» لجنوب السودان مع كل من كينيا وإثيوبيا. كذلك اعترف عاموس يادلين الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الصهيونية المعروفة اختصارًا ب «أمان» قبل نحو الشهر خلال تسليمه لمهام منصبه لخليفته، بدور «إسرائيل» الكبير في مساعدة الحركات الانفصالية بالجنوب السوداني، قائلاً: «لقد أنجزنا خلال السنوات الأربع والنصف الماضية كل المهام التي أوكلت إلينا، واستكملنا العديد منها، والتي بدأ فيها الذين سبقونا». وأضاف: «أنجزنا عملاً عظيماً للغاية في السودان، نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه، ودربنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية لمساعدتهم، ونشرنا في الجنوب ودارفور شبكات رائعة قادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حاليًا على تنظيم «الحركة الشعبية» هناك، وشكلنا لهم جهازًا أمنيًّا استخباريًّا». اذاً طبيعة تلك العلاقة امتدت حتى بعد الانفصال وكانت إسرائيل أول دولة تعترف بدولة جنوب السودان، وظلت تدعمها الأمر الذي جعلها تتخذ خطوة بإنشاء قاعدة جوية في دولة الجنوب. فقد أكدت مصادر من دولة الجنوب اعتزام إسرائيل إقامة قاعدة جوية في السودان في منطقة فلج بدولة الجنوب، وطبقت الخطوة عملياً بوصول خبراء عسكريين صهاينة إلى منطقة ملوط لتدريب ضباط الجيش الشعبي من أجل إقامة قاعدة جوية إسرائيلية في جنوب السودان. وذكرت المصادر أن سلاح الجو الإسرائيلي صادق نهائياً على بدء العمل لتشغيل أضخم طائرة بدون طيار «ايتان» وذلك من أجل القيام بمهام استخبارية فوق السودان وإيران، مؤكدة أن مجال عمل الطائرة مخصص للسودان وإيران على حد تعبيرها، لذا تسعى إسرائيل حالياً لإقامة قاعدة جوية إسرائيلية في جنوب السودان من أجل تحقيق ذلك. نقلا عن صحيفة الانتباهة 3/4/2013