فالسيد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي هو صاحب سيرة جهيرة و شهيرة قد لا تتوفر لمعظم المرشحين لرئاسة الجمهورية . و هو حفيد الامام المهدي صاحب اشهر دولة اسلامية فى القرن التاسع عشر ، ليس فى السودان فحسب ، بل على مستوي أمة الرسالة برمتها ، و لئن كان يعرف السيد كامل ادريس على سبيل مرشحي الرئاسة بأنه من كان يدير الملكية الفكرية على مستوي العالم ، ففي المقابل فان الصادق قد عرف ادارة الدولة –وأى دولة!؟- دولة الميون ميل مربع ،و لم يبلغ الثلاثين من عمره بعد على ان أكثر من تسعين فى المائة م الشعب السوداني الذى يتطلع الى ( الفتريتة و الكسرة والدمورية ) هو بالكاد لا يعرف ان كانت الملكية الفكرية هذه مدينة فى السويد أم هى اسم بضاعة جديدة وردت فى الاسواق كواحدة من بضائع النصاري ، على طريقة تلك الاغنية التى يغنيها الكابلي: (يوم جاء للبقعة و زاره.. كمل قماش النصار) الاغنية التى تقول فى مطلعها: ( النصيحة ديك أنا بريده .. البريد الشيخ أنا بريده ) ! هذا ما كانت من أمر السيرة الذاتية و التجارب التراكمية برغم ان بعضهم ينظر الى الرجل المهدي قد حكم السودان مرتين و يسعي لثالثة ،و لا أري فى ذلك مذمة خاصة بين السياسيين فمن كان منهم بلا خطئية فليرمها بحجر . فمثلاً السيد محمد ابراهيم نقد و حزبه اتوا يوماً على ظهر الدبابات من خور عمر ، و( عمر) نفسه قد مارس الحكم لعقدين من الزمان ،أما الشيخ الترابي الذى(صنع الانقاذ) برمتها فقد شارك يوماً المشير نميري كراسي الحكم وا... و للذين يقولون بأن العمر ربما يكون حجر عثرة ، فاني أحيلهم الى تلك الدارسة التى نشرت أمس الاول بهذه الصحيفة و التى ذهبت تنقب فى ( نادي الزعاماء الافارقة الاكبر سناً ) . قالت تلك الدراسة انه نادراً ما يكون العمر عائقاً لتولي السلطة فى القارة السمراء ،و اشارت الى ان الرئيس الزمبابوي موجابي يبلغ من العمر 86 عاماً و الرئيس النجيري يار أودو الذى اختفي عن الانظار منذ عدة اشهر قبل ان يظهر قبل ايام فى السعودية ومن ثم يعود الى بلده هو الآخر يبلغ من العمر 80 عاماً و الرئيس مبارك 81 عاماً و الرئيس التونسي 77 عاماً على ان السيد الصادق لم يكن بدعاً من هؤلاء القادة و هو يحتفل بعيد ميلاده الثالث و السبعين منذ فترة قليلة بأم درمان . غير ان هنالك شيئين ربما يخذلان المهدي فى هذا المونديال الرئاسي أولهما زعم بعضهم ان الرجل يسعي للسلطة من اجل السلطة ، و يستشهدون بأنه دائماً خلال مسيرته السياسية على احدي حالتين أما حاكم او يسعي بكل الوسائل للمحافظة على كرسي الحكم ، او انه فقد هذا الكرسي و يسعي بكل الوسائل للعودة له ، و أنه لا يقبل فى كل المراحل ان يكون رجلاً من الدرجة الثانية ، لا فى الامامة و لا فى الوزارة ولا فى الحزب . و الشئ الآخر هو ان السيد الصادق خلال اربعة عقود من تقلبات الحكم و المعارضة لم يتقرن اسمه بمشروع خدمي او اقتصادي خاص للأنصار او لعامة جماهير الشعبي ، حيث ليس بامكانه الان ان يصعد على مكسب – صنعه يوم ان كان حاكماً او يوم ان كان معارضاً.. بالمناسبة، معظم انجازات الحركة الاسلامية من بنوك و شركات و جمعيات قد صنعتها و هى فى المعارضة ،و لما أتيحت لها الفرصة فى الحكم صنعت المنجزات ما يؤهلها مرشحاً فى حجم البشير ان يصعد عليها ، ثم يهش بها على الناخبين ..جسور.. سدود..و ابراج اتصالات ، و فى المقابل على اية منصة سيصعد السيد المهدي ؟ و لو كان المهدي محظوظاً لكان الطريق الى كرسي الرئاسة يمهد بالخطب و البلاغة السياسية ، لكن الطريق فى بلد كالسودان يمر بمزارع الفتريتة و حقول القمح و سدود الكهرباء .. نقلا عن الاهرام 3/3/2010