(خاص : سودان سفاري) ما من أحد يجادل القوى السياسية المعارضة وفي مقدمتها قوى ملتقى جوبا في أن من حقها أن تنال حظها من الاطلالة على الناخبين من خلال أجهزة الإعلام الرسمية للدولة (اذاعة وتلفزيون)، ولعل هذا الأمر استبغته مفوضية الانتخابات العامة قبل بدء الحملة بتكوين آلية أوكلت لها مهمة توزيع الفرص وعلى ذلك فإن من حق كل من يرى أنه أضير في حظه وحقه الإعلامي، أن يلجأ للمفوضية طالباً منها إنصافه. الى هنا والأمر طبيعي وعادي ولا غبار عليه، ولكن الأمر الذي أثار الحيرة والاستغراب أن قوى المعارضة (سيرت مظاهرة) ونقول مظاهرة لأن الأمر إتسم بطابع تهويلي وتضخيم غير مبرر، وتم ادخال عنصر (الوعيد والتهديد فيه) من غير داع لذلك، فقد كان من الممكن أن يذهب مفوضون عن المرشحين أو يذهب المرشحون أنفسهم في هدوء، وباحترام ويقدموا مظلمتهم للمفوضية أو يجروا نقاشاً وحواراً موضوعياً هادئاً – كان من المؤكد أنه سيكون هو في حد ذاته بمثابة عمل إعلامي دعائي – يعطون فيه الناخب السوداني أنموذجاً في أدب التخاطب، والتفاوض وحسن ادارة الأزمات، ولكن لم يدع قادة ملتقى جوبا أي خيار للناخب السوداني ليترسخ لديه أن هؤلاء الذن يثورون ويتوعدون أن هم الا ترجمة للمثل الانجليزي الذي يقول (الأواني الفارغة تحدث ضجيجاً عالياً)!، ويؤسف المرء أن يقول ان الذين حملوا مذكرتهم المطولة الى المفوضية واستقبلهم (مسؤول واحد) فقط من المفوضية، وضربوا للرد عليها أسبوعاً دون أن يكشفوا خياراتهم بعد انقضاء الاجل المضروب كان بإمكانهم طالما أن لديهم علم منذ خمس سنوات بموعد هذه الانتخابات أن يبتدعوا وسائلاً عديدة لتسويق برامجهم وعرض أنفسهم على الناخبين اذ أن من البديهيات التي يعلمها القاصي والداني أن أجهزة الإعلام الرسمية ليست هي الوسيلة الوحيدة للدعاية الانتخابية ولا هي الوسيلة الكافية لهان كما يؤسف المرء أن يرى هؤلاء القادة الذين قضى غالبهم عقوداً وسنوات في الخارج ويفترض أنهم (تعلموا) التحضر الديمقراطي وكيفية التعامل الإعلامي والذكاء في الميديا، يتباكون على أعتاب مفوضية الانتخابات يسألونها إنصافهم!! فالتباكي في هذا التوقيت بالذات هو دلالة ضعف وهوان ولا يمكن لناخب عاقل ومبصر ويتمتع بوعي كافي أن يمنح صوته لقادة عملهم الوحيد هو التباكي وكثرة الشكوى والسؤال. ان من المرجح إزاء هذا التصرف الذي (أخجل) مؤيدي هذه القوى أن هذه القوى إنما تفعل ذلك أملاًَ في إفشال العملية الانتخابية واشاعة قدر من الفوضى والهرجلة أو على أقل تقدير الحصول على (مبررات مسبقة) تبرر أي فشل متوقع، اذ أن الموعد قد أزف، والتخمينات كلها تتجه باتجاه لا يرغبون فيه ولم تسجل بوادي السودان واصقاعه ومعاقل هذه القوى حضوراً انتخابياً معتبراً لهؤلاء المتباكين فقد استعصموا بالعاسمة القومية فقط، وركزوا جهودهم في اثارة الغبار في وقت حرج، واستثارة السلطة حتى يحدث (شئ ما) يكون هو الجسر للعبور نحو تأجيل أو الغاء. لقد خصم هذا الموقف من رصيد هذه القوى القليل المتبقي الذي كان لها وجعلها تبدو مثل الذي يحلم بشراء ملابس العيد في صباح العيد نفسه!!