لا تخلو خطب مسؤولي الملف السوداني في النخب السياسية الأمريكية من مناورات حول موضوع السودان بل مزايدات منذ أن أعلن النميري خاصة الشريعة الإسلامية وحتي تدويلها لقضية دارفور، لكن ما يدعو للعجب ذلك العنوان الكبير والظاهرة المفاجئة للمتابعين مع تدهور العلاقة بين البلدين البالغة حد الخصومة من طرف أمريكا، والتي ما يزال من يبحث لها عن مبررات تسقط أمامه كل الحجج التي تسوق لها السياسة الخارجية الأمريكية مرة بدعاوي رعاية الإرهاب وأخري افتراءات كذبتها مفاجئة الدعوة الإدعاء. وإلي أن يصل مسؤولو المؤتمر الوطني للعاصمة واشنطون وتفضي لقاءاتهم شواهد ملموسة في مسار تحسين العلاقة الموتورة نظل نترقب بحذر انهيارها، هذا لأن تلك الدولة بعصاتها وحزرتها ظلت تلعب علي الحبال كلها بحبائل تجيد حياكة نظمها مع حسن أعدد وإخراج، وأن تكذب أمريكا فنعم وذاك ما وضحه المفكر الأمريكي نعوم تشوميسكي في كتاب هذا يريد العم سام؟ وهو يستعرض تأريخ أمريكا القذر، وكثير من فريات هذه الدولة لا لصالح ومصالح شعبها ولكنها مجموعات الضغط التي تتحكم خارج الحدود. عجبنا من التغريظ الملطف الذي دمغت به سفيرة أمريكا بمجلس الأمن الجبهة الثورية المسلحة والمعارضة للحكومة السوداني والذي جاء في صورة دلال، فليس غريباً أن تحافظ علي رعايتها ودعمها المبطن رغم ما أدعت أنها ضد العنف وكلمة عنف هذه ذات مدلولات سياسية مختلفة في معجم السياسة الأمريكية، ففي المظاهرات لدول الضد يدمغ البيت الأبيض شرطة أي حكومة وينبهها للكف عن استعماله والدنيا كلها شهدت أن هذه الحركات المسلحة تقتل علي اللون والعرق ولا تفرق بين امرأة أو طفل أو رجل من العزل. وللمفكر المغربي عبد الحكيم الخطيبي إيماءات إلي بناء الوعي الحديث في الذاكرة الغربية فيقول في "الأخلاق والسياسة" منبهاً " أن الأيدولوجية هذه تخفي تناقضاتها وتملأ فراغاتها لتجعل من تعدد الآخر وحدة يذوب فيها الاختلاف"، والناظر للدعوة هذه أنها أبقت علي قاعدة مهمة وهي عدم السماح للمسؤولين السودانيين بدخول أمريكا، لذا ربما نستدعي تأريخ الخصام الأمريكي للسودان بتبني ما يعيقه ونذهب بتقديرنا أن الأمر هو صيغة أو شكل مبتكر لإعطاء إِشارة مبهمة وإغراء وهذا ما نرجحه يأسهم من الجبهة الثورية. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 10/6/2013م