يتابع السودانيون هذه الأيام بكثير من الترقب، والتغيرات السياسية الأخيرة التي شهدتها مصر، وأعينهم علي ما تعيشه الساحة الداخلية من تجاذبات كبيرة بين تحالف قوي الإجماع الوطني من جهة، وحزب الأمة القومي من جهة أخري، حيث دشن رئيسه الصادق المهدي أمس الأول ميثاق النظام الجديد، الذي أطلق عليه مذكرة التحرير لإسقاط النظام عبر جمع توقيعات، ووقع عليها مع نوابه والأمين العام لهيئة شؤون الأنصار ورئيس المكتب السياسي لحزب الأمة، وقال المهدي إن فكرة جمع التوقيعات لإسقاط النظام ليست تقليداً لحركة تمرد المصرية، مشيراً إلي أن حزب الأمة اقترح جمع التوقيعات لإسقاط النظام قبل المصريين، وأضاف عندما أعلنا عنها كان ذلك في احتفالات الاستقلال 2012م، وتمرد أنشئت في العام 2013. خطة جمع التوقيعات الأخيرة لم تدهش الناس الذين ظلوا يصفون مواقف الصادق المهدي بالغامضة علي ضوء ما ظل يتخذه من سياسات، أحياناً تجعله قريباً من السلطة الحاكمة، وفي أحايين أخري تجعله يبدو من أشرس المعارضين، والآن من اطلوا علي ميثاقه الأخير أكدوا عدم وجود فرق بينه وخطة ال(200 يوم)، لكن ربما أراد الصادق أن يكون حزبه ممسكاً بخيوط العمل المعار وليس تابعاً لأحزاب يختلف ويتفق معها بعد أن تبرأ من خطة ال(100يوم) للتغيير بعد اتخاذه خطة جمع التوقيعات بدلاً عنها، لكن ثمة سؤال يبدو مهماً: لماذا لم يتم تنفيذ خطة الإمام المتعلقة بجمع التوقيعات لإسقاط النظام في وقتها، وانتظرت حتي سبقتها (حركة تمرد) المصرية التي ولدت بعدها بحسب الصادق المهدي، وهل للصراع الدائر بين الأمة القومي وتحالف المعارضة دور في تأخر تنفيذها؟ هذه الأسئلة وغيرها تقودنا إلي البحث عن تفسيرات منطقية لما يدور في الساحة السياسية. فيما يتعلق بالخلاف ين التحالف المعارض وحزب الأمة القومي، نجد أن البعض يعده خلافاً شكلياً، خصوصاً موضوع الاختلاف حول وسيلة إسقاط النظام، التي يتمسك فيها حزب الأمة بمسألة التغيير بينما يتمسك الآخرون بوسيلة الإسقاط، مع ذلك قد تكون هنالك نقطة خلاف جوهرية بينهما تتعلق برغبة الإمام الصادق في إعادة هيكلة التحالف، لكن في ذات الوقت، هنالك من يعتقد أن ما يبرز من صراع بين التحالف وحزب الأمة القومي ليس بعيداً عن صراع داخلي يتم داخل الحزب نفسه، ومن ثم تصل إفرازاته الي جسم التحالف، ودللوا علي ذلك بما فعله الأمين العام لحزب الأمة عندما أجري تغييراً هيكلياً في أمانة الحزب العامة استبعد بموجبه دكتور مريم الصادق التي كانت تعمل كأمين للاتصال التنظيمي، ودفع بالأستاذ عبد الجليل الباشا العائد إلي الحزب بعد تفكيك مبارك الفاضل حزبه. خطة الصادق المهدي الجديدة لإسقاط النظام تبدأ بتوقيع "مشروع ميثاق لنظام جديد"، لتتواصل بتنظيم حملة "توقيعات" واسعة تحت عنوان "تذكرة تحرير" وتتطور إلي "اعتصامات" جماهيرية في الميادين بأنحاء البلاد كافة، دعماً للمطلب الشعبي بتغيير النظام وفقاً لما جاء علي لسانه في مؤتمر صحافي أمس الأول قال فيه إن الحزب الحاكم، إذا أبدي استعداده في أي مرحلة من مراحل النضال الوطني للتجاوب مع الإدارة الشعبية، فبإمكان الأطراف الاتفاق علي خريطة طريق ملزمة لإقامة نظام جديد وفق مقتضيات الميثاق، الذي قال إن نصه سينشر بعد تمليكه للقوي السياسية المعنية، في حين جدد من سخرية بخطة "المائة يوم لإسقاط النظام"، التي أعلن تحالف المعارضة "قوي الإجماع الوطني" عن إطلاقها، بقوله:"أول ما سمعنا عنه كان علي لسان د.نافع علي نافع، فإن صح هذا البرنامج فالتصريح به دعوة صريحة لأجهزة الأمن أن تجد حجة لقمعها، وإن كان الأمر مجرد مزايدة دون أي جدية في الأمر، فإنها ستضر بسمعة قوي الإجماع. البعض يري أن خطة (المائة يوم)، وخطة (جمع التوقيعات) كلتاهما ستجعلان القوي المسلحة و(الجبهة الثورية) تحديداً، خارج منظومة المعارضة، لاختيارها المعارضة المسلحة، مما يجعل المعارضة تسير في خطين متوازيين لا يلتقيان، أو يضع بعض قوي المعارضة التي تحاول التي تحاول تجسير الهوة مع هذه الحركات في قائمة داعمي العمل المسلح، الأمر الذي يضعها تحت نيران الحكومة، والمجتمع، والمجتمع الدولي، بل والشعب نفسه، باعتبار أن العمل المسلح والعنف أمر مرفوض في محاولات تغيير الأنظمة وتداول السلطة، علي المستويات كافة، بينما يعتقد آخرون أن مخططات المعارضة – علي اختلاف مسمياتها ومواقيتها – مرت بعدة مراحل، وبدأت عدى مرت انقطعت لعدد من الظروف، ويشيرون إلي أن توقيع وثيقة (كاودا) ثم ميثاق (الجبهة الثورية) في كمبالا وغيرها، لم تكن سوي حلقات في خطط المعارضة، التي يري البعض أنها مشروعة في سبيل الهدف- وكلها تنص علي هدف إزاحة نظام الحكم في السودان عبر العمل العسكري المسلح أو عبر العمل السياسي. نقلا عن صحيفة الخرطوم السودانية 10/7/2013م