هل الأمة القومي حزب معارض للنظام أم مهادن؟ وما علاقة الحزب بتحالف المعارضة؟ هذا السؤال ظل يطرحه الناس كلما أعلن تحالف المعارضة عن خطة جديدة لإسقاط النظام وسارع رئيس حزب الأمة القومي لتوضيح علاقته بما تم إعلانه، وسبب الطرح يعود إلي المواقف المتباينة التي يتخذها الحزب حيال ما يطرحه التحالف.. والسؤال المشروع: لماذا يبادر حزب الأمة لمثل هكذا مواقف؟ بالعودة إلي علاقة حزب الأمة بأحزاب التحالف، نجد أن هناك إختلافات أساسية بين بعض قيادات أحزابه ورئيس حزب الأمة تحديداً، ومرارات تاريخية بين بعضهم والإمام، فالعلاقة بينه وبين الترابي ظلت قائمة علي التنافس.. وبينه وبين فاروق أبو عيسي كثيرا ما تصطدم بحاجز المرارات التاريخية التي بدأت منذ حادث الجزيرة أبا، وحينها كان فاروق ضمن أعضاء الحزب الشيوعي, ويبدو أن الصادق أم يستطيع تجاوزها, ولهذا السبب سبق أن طالب بهيكلة التحالف كما قيل، وأستمر في تقديم النقد لهذا الجسم حتى وصل مرحلة وصف بعض أحزابه ب(الطرور) وقابل بعضهم هذا الحديث بامتعاض شديد، فيما طالب حزب البعث وقتها بمحاسبة المهدي علي هذه التصريحات، لكن هذا لم يتم، لأن بعض قيادات التحالف حاولت لملمت الخلافات والمضي قدماً، كما أن بعضها كان يريد الحفاظ علي حزب الأمة حتي يظل في منظومة الأحزاب المعارضة، وهؤلاء فعلو ذلك، لأنه ما زال في ذاكرتهم موضوعي هيكلة التجمع الوطني في وقت سابق الذي أدي إلي (فرتقته) وعودة حزب الأمة إلي الداخل، ولا يريدون أن يتكرر هذا السيناريو مرة أخري.. كذاك عندما تمت إعادة تكوين التحالف مرة أخري في 2005م وضم بعض عضوية التجمع المشاركين في البرلمان، وبدأ قوياً، وعندما تقرب حزب الأمة من النظام مات هذا الجسم، والآن هناك بعض قيادات التحالف لديها هاجس من حدوث تقارب بين حزب الأمة القومي والنظام، خاصة علي ضوء ما يثار حول وجود علاقة بينهما جعلت البعض يتحدث عن حوار تقوده شخصية نافذة في السلطة مع الصادق المهدي هذه الأيام بغرض المشاركة. ما يحدث من صراع بين التحالف المعارض وحزب الأمة القومي، يعدة بعض المراقبين شكلياً، خاصة فيما يتعلق بالاختلاف حول وسيلة إسقاط النظام، التي يتمسك فيها حزب الأمة بمسألة التغيير بينما يتمسك الآخرون بوسيلة الإسقاط.. مع ذلك قد تكون هناك نقطة خلاف جوهرية بينهما تتعلق برغبة الإمام الصادق في إعادة هيكلة التحالف.. لكن في ذات الوقت، هناك من يعتقد أن ما يبرز من صراع بين التحالف وحزب الأمة القومي ليس بعيداً عن صراع داخلي يتم داخل الحزب نفسه، ومن ثم تصل إفرازاته إلي جسم التحالف، ودللوا علي ذلك بما فعله الأمين العام لحزب الأمة عندما أجري تغييراً هيكلياً في أمانة الحزب العامة إستبعد بموجبه دكتور مريم الصادق التي كانت تعمل كأمين للإتصال التنظيمي من عمل المعارضة، ودفع بالأستاذ عبد الجليل الباشا العائد إلي الحزب بعد تفكيك مبارك الفاضل لحزبه.. والآن قيل أن هناك معارك يتم افتعالها من قبل الممسكين بالحزب حتى تثبت دكتور مريم للتحالف أن إبعادها ليس من مصلحته ولا بد من الالتزام بمسألة الهيكلة، ولهذا السبب تبدو مواقف الأمين العام دكتور إبراهيم الأمين وأمين الإتصال التنظيمي عبد الجليل الباشا في بعض الأحيان متقاطعة مع مواقف رئيسة الحزب الصادق المهدي.. ومع ذلك هناك قيادات في حزب الأمة القومي تنسق مع التحالف، ووضح ذلك في موقف الحزب حول قرار التحالف الأخير الخاص بخطة (100 يوم).. ففي الوقت الذي أوضح فيه الإمام عدم وجود علاقة بين هذه الخطة وحزبه، أكد الأمين العام للحزب إبراهيم الأمين مشاركتهم في خطة التعبئة عبر ممثلهم عبد الجليل الباشا لكن حينما سألنا الأمين العام دكتور إبراهيم الأمين عن هذا التضارب بينهما قال إن الإجماع الوطني مؤسسة يسعي فيها الناس إلي جمع الصف المعارض والوصول إلي حل سلمي، ونحن كحزب معارض نشارك في الاجتماعات التي ترتب لخطة التعبئة والتخطيط، وحزب الأمة مع استخدام الوسائل كافة ما عدا العنف، وأشار إلي عدم وجود تضارب، وأكد أن ما ذكره الصادق هو عدم سماعه بمسألة (مائة يوم) لإسقاط النظام، وهم أنفسهم عادوا وقالوا إنهم قصدوا (مائة يوم) للتعبئة، وليس المدة المحددة لإسقاط النظام. رغم هذه التوضيحات. إلا أن أحزاب التحالف ربما أرادت إحراج حزب الأمة ، لذلك كشفت عن أن خطة ال(100 يوم) للتغيير التي تبرأ منها الصادق المهدي طبخت في دار حزب الأمة القومي وكان لاعباً أساسياُ فيها، وقبل ذلك حينما وقع ممثلو التحالف علي ميثاق (الفجر الجديد) وتم التراجع عن بعض بنوده وظل الصحفيون يسألون عن هذا الميثاق، قال الترابي: (أسألو منه الصادق) أو هكذا روى احد الصحفيين.. حديث الطبخة الأخير لم يدهش الناس الذين ظلوا يصفون مواقف الصادق المهدي بالغامضة علي ضوء ما ظل يتخذه من سياسات، أحياناً تجعله قريباً من السلطة الحاكمة وفي أحايين أخري تجعله من أشرس المعارضين.. والآن من اطلعوا علي ميثاقه الأخير أكدوا عدم وجود فرق بينه وخطة ال(100 يوم)، لكن ربما أراد الصادق أن يكون حزبه ممسكاً بخيوط العمل المعارض وليس تابعاً لأحزاب يختلف ويتفق معها.. وفي ذاك الوقت يبدو أن هناك خطة للسيطرة علي الحكومة والمعارضة من قبل حزب الأمة القومي.. ففي الوقت الذي يظهر فيه حزب الأمة للناس كأنه مشدود الأطراف حيث يجره عبد الرحمن الصادق وصديق إسماعيل نحو الحوار مع السلطة ويحاولان تخفيف صدامات المعارضة علي النظام، تخطط دكتورة مريم مع التحالف المعارض وتحاول الإمساك بخيوط العمل المعارض، وبالجبهة الثورية يوجد نصر الدين الهادي.. علي ضوء ذلك.. هل يلعب حزب الأمة القومي علي كل الحبال أم أن هناك خلافات حقيقية بينه وتحالف المعارضة؟؟ نقلا عن صحيفة المجهر السودانية 17/6/2013م