لم يعد من شك بعد اكتمال كافة ترتيبات الاستحقاق الانتخابي في السودان أن العملية قائمة في مواعيدها وبالجداول الزمنية المقررة وفي الوقت نفسه، وحتي الان لم يتم- وبصورة نهائية- طي ملف الأزمة في دارفور. صحيح أن هنالك اتفاقات اطارية جري توقيعها في الدوحة وهناك تفاهمات- اذا جاز التعبير- تمت حول القضايا الجوهرية الخاصة بالأزمة وصحيح أيضاً أن الوقت، ومهما تم من تفاهم واتفاقات ليس كافياً بحال من الاحوال لالحاق حملة السلاح بالعملية الانتخابية. اذن ما موقف اقليم دارفور، وما هي طرق معالجة وضعه وقد تأكد أن الانتخابات سوف تجري؟! الواقع إن كل خبراء الاستراتيجيين يجمعون على إن اجراء الانتخابات في السودان بالطبع كان سيكون أفضل وأكثر أثراً اذا تم في ظل سلام كامل في اقليم دارفور، ولكن في الوقت نفسه فانهم يقولون ان عدم التوصل الي سلام شامل في دارفور لا ينقص من قدر الانتخابات ولا يقلل من قيمتها ويسوقون أسباباً ومؤشرات شتي- فمن ناحية أولي فان أهل دارفور وهم المعنيين بالعملية يشاركون في التصويت وقد تم تقسيم دوائر جغرافية لهم وترشح منهم مرشحين وأقيمت مراكز اقتراع في الولايات الثلاث التي يتكون منها الاقليم ووصل اليها المراقبون والعربات اللازمة للتحرك واذا كانت هنالك مناطق يصعب اجراء العملية فيها فهي لا تتجاوز بحسب مصادر رسمية في المفوضية نسبة 20% من مجمل الاقليم ومن ثم فان الأمر لا يبدو مزعجاً أو مثيراً للارتياب. ومن ناحية ثانية فإن العادة قد جرت في كل بلاد الدنيا إن اي انتخابات تجري فهي لا تتم بنسبة 100% اذ لابد من أن تتعرقل في منطقة من المناطق لسبب أو لاخر ويتم أخذ ذلك في الحسبان. من ناحية ثالثة، فان السودان سبق وأن شهد حوالي ثلاثه عمليات انتخابية في ظل حروب ناشبة في الجنوب السوداني ولم يطعن أحد ولا أخذ أحد علي النتيجة كونها لم تشمل مناطقاً بعينها. وهكذا فان غياب الحركات المسلحة عن العملية الانتخابية فضلا عن أنه أمر يتحملونه هم لكونهم ظلوا يماطلون في التفاوض منذ العام الذي وقع فيه اتفاق أبوجا وهو العام 2006، فانهم لا يملكون الوزن السياسي الذي يعادل الاقليم كله فهم جزء من الاقليم وليسوا ممثلين لكل الاقليم، ومن الممكن أن تتم معالجة أوضاعهم اذا تم التوصل معهم الي اتفاق بطرق وفاقية وبعيداً عن الطريقه القديمة التي تفترض المشاركة في السلطة، فالمطلوب هو طرح القضايا والحلول والعمل المشترك علي تنفيذها، وطالما أن السودان قد التزم في نظامه السياسي بتداول سلمي للسلطه لا محيد عنه ومن الصعب الحياد عنه فان بوسع هذه الحركات المسلحة أن تعرض نفسها علي الناخبيين في الدورات المقبلة، فالدورة لا تتجاوز الاربعة أعوام وهي مدة كافية لتبني فيها هذه القوي المسلحة- ان كانت جادة ومسنودة جماهيرياً- نفسها كأحزاب وتنظيمات لتخوض لاستحقاق المقبل، بل قد تطرأ أي طوارئ يخلو مقاعد في البرلمان أو ولاة الولايات وبامكانها التقدم للترشيح فيها. خلاصة ما نود قوله أن أزمة دارفور ليست معوقاً للعملية الانتخابية والتوصل الي سلام من عدمه لن يغير ولا من شأنه أن يغير أو يؤثر في العملية الانتخابية اذا كان الامر بالفعل يتعلق بحل قضايا حقيقيه تتعلق بالتنمية والخدمات أما اذا كان بعض حملة السلاح كل همهم السلطه- عن طريق مائدة التفاوض وحدها- فان الأمر يصبح بلا معني وفارغ المحتوي تماماً!!